الصین مقاومة الھیمنة وحمایة السلام العالمي

الصین مقاومة الھیمنة وحمایة السلام العالمي ، السلام ھو ھدف السیاسة الخارجیة الصینیة، ففي بدایة تأسیس الصین الجدیدة أكد ماو تسي تونغ على أن مھمتنا العامة ھي الالتحام مع الشعب كلھ، والسعي لنیل تأیید كافة الأصدقاء الدولیین، والنضال من أجل بناء دولة اشتراكیة كبرى، ومن أجل حمایة السلام الدولي وتطویر قضیة التقدم الإنساني. اعتبارا من عام ١٩٧٨ أخذت الصین تركز ثقل عملھا على بناء الاقتصاد. أكد دنغ شیاو بینغ على مقاومة الھیمنة وحمایة السلام العالمي، وجعل ھدف ومھمة الدبلوماسیة الصینیة في الفترة الجدیدة ھو تھیئة بیئة دولیة سلمیة وبیئة محیطة جیدة طویلة المدى. في سبتمبر عام ١٩٨٢ قال دنغ شیاو بینغ في كلمة الافتتاح للدورة الثانیة عشر للمؤتمر الوطني للحزب الشیوعي الصیني الإسراع ببناء التحدیثات الاشتراكیة، والسعي لتحقیق توحید الوطن الأم الذي یشمل تایوان، ومقاومة الھیمنة، وحمایة السلام العالمي، ھي المھام الثلاث الكبرى لشعب بلادنا في الثمانینات.

احیاء ذكرى یوم السلم العالمي ٢١ سبتمبر على السور العظیم ببادالینغ ببكین

عالم الیوم یشھد تغیرات ھامة. یتطور الاتجاه نحو التعددیة القطبیة والعولمة الاقتصادیة بعمق، ویؤثر ذلك في الحیاة البشریة السیاسیة والاقتصادیة والثقافیة تأثیرا عميقا . یتجھ الوضع الدولي إلى الانفراج، وتزداد القوة لحمایة السلام والاستقرار باستمرار. ولكن العالم لیس سلمیا، ومازالت عقلیة الحرب البادرة موجودة، وتشھد الھیمنة وسیاسة القوة تطورات جدیدة، ومقاومة الھیمنة وحمایة السلام العالمي عبء ثقیل ودرب طویل. ترى الصین أن كل الدول، سواء كبیرھا وصغیرھا، قویھا وضعیفھا، فقیرھا وغنیھا، أعضاء سواسیة في المجتمع الدولي. علیھا أن تحل النزاعات بینھا سلمیا عبر التفاوض، ولا ینبغي لھا اللجوء إلى القوة العسكریة أو التھدید باستخدامھا، ولیس لھا أن تتدخل في الشئون الداخلیة للدول الأخرى تحت أي ذریعة، أو تستغل قوتھا لإرھاب الدول الضعیفة، وتعتدي وتستأسد وتخرب في الدول الأخرى. ولیس للصین أن تفرض نظامھا الاجتماعي والأیدیولوجي على الآخرین، كما لا تسمح مطلقا للدول الأخرى بأن تفرض نظامھا الاجتماعي والأیدیولوجي على الصین.

حاجة الصین إلى بیئة سلمیة 

بعد أكثر من قرن من الاضطرابات الداخلیة والعدوان الخارجي كان أمام الصین ألف مھمة ومھمة، وكان الشعب الصیني في حاجة ملحة إلى بیئة دولیة سلمیة عندما تأسست جمھوریة الصین الشعبیة في عام ١٩٤٩.
ولكن الولایات المتحدة لم تعزل الصین سیاسیا، وتحاصرھا اقتصادیا فحسب، بل ھددت الصین عسكریا من ثلاثة جوانب؛ كوریا وفیتنام وتایوان أیضا في ذلك الوقت. في الخامس والعشرین من یونیو عام ١٩٥٠ اندلعت
الحرب الكوریة. تدخلت الولایات المتحدة في كوریا عسكریا على نطاق واسع، وانتھكت الأجواء الإقلیمیة بشمال شرقي الصین، وقذفت بالقنابل وأطلقت الرشاشات على المناطق الحدودیة الصینیة الكوریة، وفي نفس الوقت أرسلت قوة عسكریة إلى مضیق تایوان، وھددت أمن الصین مباشرة.
بطلب من كوریا أرسلت الصین جیشا متطوعا إلى كوریا للاشتراك في الحرب لمقاومة العدوان الأمریكي ومساعدة كوریا والدفاع عن الوطن، ودخلت في اختبار قوة مع الولایات المتحدة وجھا لوجھ على الجبھتین العسكریة والدبلوماسیة، واضطرت الولایات المتحدة أخیرا إلى توقیع اتفاقیة الھدنة في كوریا في یولیو عام ١٩٥٣. في وقت اعتدائھا على كوریا زادت الولایات المتحدة من تدخلھا في الھند الصینیة. لم تؤید فرنسا في قمع شعب الھند الصینیة فحسب، بل فرض عملھا تھدیدا كبیرا لأمن المناطق الحدودیة بجنوب الصین أیضا. في ظل ظروف بالغة الصعوبة أیدت الصین، بكل قوة، شعب فیتنام لمقاومة التدخل الفرنسي والأمریكي، وساھمت في إعادة السلام إلى الھند الصینیة وتحریر شمال فیتنام كاملا.

بدایة من أواخر خمسینات القرن العشرین تنافس الاتحاد السوفیتي مع الولایات المتحدة من أجل الھیمنة. یوما بعد یوم أخذت العلاقة بین الصین والاتحاد السوفیتي، دولة وحزبا، تسوء. تبنت القیادة السوفیتیة في ذلك الوقت سیاسة الھیمنة، لدرجة التھدید بالحرب من أجل السیطرة على الصین. كانت الولایات المتحدة لا تزال تناصب الصین العداء. وھكذا قاومت الصین الھیمنة الأمریكیة والھیمنة السوفیتیة في ذات الوقت.

منذ أواخر سبعینات القرن العشرین بدأ الوضع الدولي یشھد تغیرات كبیرة. ضعفت الدولتان العظمیان الأمریكیة والسوفیتیة خلال سباق التسلح والحرب الباردة تدریجیا، وبدأ توجھ التعددیة القطبیة في البزوغ، وأصبح السلام والتنمیة ھما تیار العصر. شرعت الصین تركز قواھا على بناء تحدیثاتھا. وقد أكد دنغ شیاو بینغ، مھندس سیاسة الإصلاح والانفتاح الصینیة مرارا على أن الصین تواجھ مھمة التنمیة والتخلص من التخلف، ومن أجل تنمیة بلادنا وتحقیق ھدفنا الكبیر نحتاج إلى بیئة دولیة سلمیة.

وقال دنغ إن ھدف السیاسة الخارجیة الصینیة ھو كسب السلام العالمي. في ظل البیئة السلمیة العالمیة نقوم ببناء التحدیثات، ونطور بلادنا بكل عزیمتنا، ونبني الاشتراكیة ذات الخصائص الصینیة. وفي عام ١٩٨٢ قال في حدیث مع الأمین العام الأسبق للأمم المتحدة خافییر بیریز دوكویلار إن المھمة التي تضعھا الصین في المقام الأول ھي تحقیق الھدف الأول للتحدیثات في أواخر ھذا القرن، وھو الوصول إلى مستوى الحیاة الرغیدة. إذا حققنا ھذا الھدف، ستتحسن أحوالنا. الأھم ھو أننا قد حققنا نقطة جدیدة للبدایة، وسنقترب من مستوى الدول المتقدمة بعد فترة من ثلاثین إلى خمسین عاما. ولذلك نأمل أن تتھیأ لنا بیئة دولیة سلمیة. إذا نشبت حرب ستنتھي ھذه الخطة، ولا بد أن نؤجلھا. 

حمایة السلام العالمي لیست حدیثا فارغا، وإنما طرحناھا على أساس حاجتنا، ومطابقة لحاجة شعوب العالم بالطبع.

لم تسع الصین یوما للھیمنة، ولیس لھا أطماع توسعیة، وتتبع سیاسة دفاعیة وطنیة تماما. مستوى نفقاتھا العسكریة منخفض، ونفقات الدفاع الوطني لھا ھي الأقل بین الدول الكبرى. في عام ٢٠٠١ كانت المیزانیة العسكریة السنویة للصین تعادل ٥ ٪المیزانیة العسكریة السنویة للولایات المتحدة، وفي عام ٢٠٠٣ كانت تعادل ٢ر٥ .٪لم تقم الصین أي قاعدة عسكریة خارجھا، ولم ترسل أي جندي إلى خارجھا. في التسعینات خفضت أفراد القوات المسلحة ٥٠٠ ألف فرد بعد تخفیض أفراد القوات المسلحة ملیون فرد في الثمانینات. في الأول من سبتمبر عام ٢٠٠٣ أعلن رئیس اللجنة العسكریة المركزیة لجمھوریة الصین الشعبیة جیانغ تسھ مین أن الصین ستخفض أفراد القوات المسلحة ٢٠٠ ألف فرد قبل عام ٢٠٠٥ .ھذا مساھمة كبیرة جدیدة تقدمھا الصین لحمایة السلام العالمي بعملھا الفعلي، وتجسید صادق لنیة الصین وعزیمتھا على حمایة السلام العالمي.

تقاوم الصین الھیمنة، وتقید نفسھا بصرامة بأن لا تسعى للھیمنة أبدا. في إبریل عام ١٩٧٤ أعلن دنغ شیاو بینغ عندما حضر الدورة الخاصة السادسة للجمعیة العامة للأمم المتحدة أن الصین لیست دولة عظمى الآن، ولن تكون دولة عظمى في المستقبل. في الثمانینات أشار دنغ شیاو بینغ في أحادیث كثیرة إلى أن قوى العالم الثالث، وخاصة قوة الصین، أكثر دولة سكانا في العالم الثالث عنصر ھام لتطور قوى السلام العالمي.

تعارض الصین، وھي عضو دائم في مجلس الأمن للأمم المتحدة، الھیمنة وسیاسة القوة، وتشجع على العدالة في الشئون الدولیة. أكدت الحكومة الصینیة مرارا أن الصین بصفتھا أكبر دولة نامیة في العالم لا تشكل تھدیدا لأي دولة الآن، ولا تھدد سلام العالم، بل تعزز قوى حمایة سلام العالم إلى حد أبعد أیضا بعد زیادة قوتھا.

الصين تدعو للحل السلمي للنزاعات الدولیة من هنا