الصين و قضية تايوان

الصين و قضية تايوان ، قضیة تایوان ھي مشكلة أمن الدولة الأكثر إلحاحا والأخطر والأبرز التي تواجھھا الصین حالیا.

طبیعة قضیة تایوان و مسألة السیادة

تایوان أراضي الصین المقدسة منذ القدم، وجزء لا یمكن أن یتجزأ من الصین(من وجهة النظر الصينية ) . یعود تاریخ استثمار الصینیین القدماء لبر الصین الرئیسي تایوان إلى أكثر من ٣٠ ألف سنة. في إحیاء أرض تایوان البور وتنمیتھا قد تبلور العرق والدماء للأمة الصینیة جیلا بعد جیل، وتتمثل فیھ الروح الصینیة المتمثلة في اعتماد الأجداد الصینیین على أنفسھم. كانت تایوان متصلة ببر الصین الرئیسي في التاریخ القدیم. كانت منطقة ساحلیة بھ، ثم انخفض جزء منھا إلى أن تحول إلى مضیق بحركة قشرة الكرة الأرضیة.

في كتاب <<یوي قونغ>> في عھد بدایة الدویلات المتحاربة الصینیة قبل أكثر من ٢٠٠٠ سنة توجد سجلات حول تایوان. وذكر في كتاب <<تاریخ الممالك الثلاث>> أنھ في عام ٢٣٠ ،بعث سون تشیوان ملك مملكة وو الجنرالین وي ون وتشوقھ تشي لقیادة أكثر من ١٠ آلاف عسكري إلى تایوان. وفي كتاب <<تشو فان تشي>> تعبیرات تقول إن منطقة تشیوانتشو لھا جزر تسمى بنغھو، خاضعة بإدارة محافظة جینجیانغ. الأمر الذى یدل على أن تایوان خاضعة لإدارة حكومة الصین رسمیا قبل عھد أسرة سونغ الجنوبیة (١١٢٧-١٢٧٩ (على الأقل. في عام ١٣٣٥ أقامت أسرة یوان “إدارة الفحص المتجول” في بنغھو، خاضعة لمحافظة تونغآن (شیامن حالیا) بمدینة تشیوانتشو في مقاطعة فوجیان، تحكم بنغھو وتایوان. في عام ١٦٤٢ ،اعتدت الإمبریالیة الھولندیة على تایوان. في عام ١٦٦٢، استعاد القائد الصیني تشنغ تشنغ قونغ تایوان من الإمبریالیة الھولندیة. أشار تشنغ تشنغ قونغ في “كتاب إبلاغ الاستسلام ” الذي قدمھ لحاكم الإستعمار الھولندي إلى “أن تایوان یعمل الصینیون فیھا منذ فترات مبكرة، وھي من أراضي الصین”. في عام ١٦٨٣) السنة الـ٢٢ لفترة حكم الإمبراطور كانغ شي) بعثت حكومة أسرة تشینغ جیشھا إلى تایوان، وأقامت مقرا حكومیا واحدا یدیر ٣ محافظات في تایوان لتتبع مقاطعة فوجیان في السنة التالیة.

في عام ١٨٨٥ ،أقامت مقاطعة تایوان. في عام ١٨٩٤ ،شنت الیابان حرب “جیاوو”، واستولت على بنغھو في مارس السنة التالیة، وأجبرت حكومة تشینغ على توقیع <<معاھدة ماقوان>> التي تمس سیادة الصین وتجرح كرامتھا في إبریل من نفس السنة، وعلى التنازل عن تایوان. في الحرب العالمیة لمقاومة الفاشیة، انتصر الشعب الصیني مع الشعوب العالمیة على الإمبریالیة الیابانیة انتصارا كاملا. في ٢٥ أكتوبر ١٩٤٥ ،عادت تایوان وجزر بنغھو إلى خریطة الصین من جدید.

في ٩ دیسمبر ١٩٤١ أشارت حكومة الصین في <<إعلان الصین حرب مقاومة الیابان>> إلى أن “تلغى كل المعاھدات والاتفاقیات والعقود التي تتناول العلاقات الصینیة الیابانیة.” في ١ دیسمبر ١٩٤٣ ،وقعت الصین والولایات المتحدة الأمریكیة وبریطانیا <<إعلان القاھرة>> الذي یشیر إلى أن “مبدأ الدول الثلاث ھو إعادة الأراضي الصینیة التي سلبت من الصین مثل مانشوریا وتایوان وجزر بنغھو الخ إلى الصین.” في ٢٦ یولیو ١٩٤٥ تؤكد المادة ٨ من <<إعلان بوستان>> “تنفیذ شروط إعلان القاھرة بلا شرط”. في ٢ سبتمبر ١٩٤٥ وقعت حكومة الیابان على <<كتاب الاستسلام بلا شروط>> في خلیج طوكیو، وتوضح المادة ١ “قبول مواد إعلان بوستان الذي وقعتھا الصین والولایات المتحدة الأمریكیة وبریطانیا، ثم اشترك فیھ الاتحاد السوفیتي الذي تم توقیعھا فى ٢٦ یولیو ١٩٤٥ .”أكدت تلك الوثائق ذات فعالیة القانون الدولي والمكانة القانونیة أن تكون تایوان وبنغھو والجزر التابعة لھما من الأراضي الصینیة.

تأسست جمھوریة الصین الشعبیة أول أكتوبر ١٩٤٩ ،الأمر الذى غیر من السلطة الداخلیة لدولة سیادة، ولیس إقامة بلد آخر. تغییر السلطة الداخلیة لدولة سیادة لن یؤثر في سیادتھا على أراضیھا. في ٥ ینایر ١٩٥٠ ،أصدر الرئیس الأمریكي ترومان إعلانا حول قضیة تایوان قائلا إن “تایوان قد أعیدت إلى الصین”، وتطلب “الولایات المتحدة الأمریكیة من المجتمع الدولي أن یحترم
سلامة أراضي الصین”. وفي نفس الیوم اصدر وزیر الخارجیة الأمریكیة إعلانا في مؤتمر صحفي قائلا: ” لا یستطیع أحد ان یشك في أن تصبح تایوان إحدى المقاطعات الصینیة”. في ٢٥ أكتوبر ١٩٧١ ،أجازت جمعیة الأمم المتحدة الـ٢٦ قرار ٢٧٥٨ لاستعادة مقعد جمھوریة الصین الشعبیة المشروع في الأمم المتحدة وكل أجھزتھا، فاعترف كل المجتمع الدولي بالمكانة القانونیة لأن تكون تایوان جزء لا یتجزأ من أراضي الصین اعترافا كاملا مرة أخرى. رغم وجود خلفیة دولیة عمیقة لتشكیل قضیة تایوان وتطورھا، ھي من شؤون الصین الداخلیة من حیث الطبیعة، وحل قضیة تایوان داخل مجال سیادة الصین.

قضیة تایوان ھي القضیة المحوریة في استراتیجیة

أمن الدولة الصینیة في العصر الحاضر لا يتعلق بقضیة تایوان و بمصالح الصین العامة والجزئیة، بل بمصالح حیاة وتنمیة الأمة الصینیة العامة ومصالحھا المحوریة وأعلى مصالح لھا في فترة العولمة، وتتعلق أیضا بأمن وخطر وازدھار وضعف ومجد وعار الأمة الصینیة، كما انھا تتعلق بنھضة الأمة الصینیة العظیمة في ھذا القرن.

أولا، بالنسبة للأمة الصینیة، إن حمایة وحدة الدولة والتضامن القومي لیس طلبا سیاسیا مؤقتا واختیارا سیاسیا عادیا، بل ھما الوعي التاریخي القوي المتشكل أثناء رواسب مجرى التاریخ الصیني الطویل الذي یعود إلى آلاف السنین، كما أنھما المشاعر القومیة المتأصلة في الحضارة الصینیة التي یعود تاریخھا إلى ٥٠٠٠ سنة، والنفسیة الاجتماعیة ونظریة القیم السامیة التي تتوارثھا الأمة الصینیة جیلا بعد جیل، ونواة ونخبة الثقافة الصینیة التقلیدیة. منذ أن أقامت أسرة تشین أول دولة صینیة موحدة ومتعددة القومیات، تحتل فكرة الوحدة المكانة الرئیسیة في الحیاة السیاسیة الصینیة والمشاعر القومیة. إن الوحدة ھي الشریط الروحي لمشاركة الأمة الصینیة في السراء والضراء، كما أنھا قوة محركة جبارة لن تنفد لھذه الدولة المتعددة القومیات التي عانت كثیرا من المصائب وضمان ھام لھا.

وبرغم ظھور عدة مرات من الانفصال القصیر في تاریخ الصین، إلا ان الوحدة ھي التیار الرئیسي لتطور تاریخ الصین دائما. بعد كل مرة من الحكم المنفصل القصیر، عادت الوحدة من جدید، بل كان وقت الوحدة أطول وأكبر حجما و ذا درجة عالیة. حتى أنھ یمكن القول في كل فترة من الانفصال، كانت رغبة الناس في الوحدة أقوى، ولم تر أطراف العلاقة أن الانفصال من الأوضاع الطبیعیة، فقد كانوا یسعون وراء مكانة مشروعة وقیادة بھذا الوضع. أشار رائد الثورة الدیمقراطیة الصینیة  صون یات صن إلى أن “الوحدة ھي أمنیة كل الشعب الصیني، یرغب فیھا أبناء الشعب فتخضعھا السماء والأرض.” تفكیر الوحدة الكبیرة للأمة الصینیة یختلف اختلافا جذریا عن تفكیر “الانشطار” لفكرة “فرق تسد” الغربیة، لأنھا مبلورة بعلاقة الدم والنسب للأمة الصینیة جیلا بعد جیل، ویكمن فیھا مفھوم “المشاركة في الحیاة والموت واعتماد السعادة والشقاء بعضھما على بعض” للأمة الصینیة، وھى لا تقبل أن یدنسھا أي شخص.

ثانیا، تایوان مركز أمامي بحري وحاجز بحري لساحل جنوب شرقي الصین، ومركز مواصلات على الخط الملاحي بغربي المحیط الھادي، تدافع مع بر الصین الرئیسي بعضھما عن بعض، وتتضافران جھودھما في الھجوم والدفاع دائما. لأنھا باب الصین البحري، تتصل تایوان بجزر ریوكیو في شمال الشرق، وتقابل الفلبین عبر مضایق باشي وبالینتانغ وبابویان؛ وأقرب مسافة بینھا وبین فوجیان ١٣٠ كم غربا، تقع في مركز سلسلة الجزر المكونة من جزر الوشن وجزر الیابان وجزر الفلبین وجزر اندونیسیا والجزء البارز لامتداد ھذه السلسلة إلى بر الصین الرئیسي بغربي المحیط الھادي، فھي إحدى نقاط الالتقاء الاستراتیجیة الھامة بغربي المحیط الھادي. لا یمكن لتایوان أن تنفصل عن بر الصین الرئیسي، بدون اعتمادھا على أراضي الصین التي بلغت مساحتھا ٦ر٩ ملایین كم مربع، لیست تایوان إلا جزیرة في البحر، وتكون فریسة نزعة القوة أثناء أمواج المحیط الھادي، تعتدي علیھا وتقسمھا القوى الإمبریالیة، لتعید مأساة الاستعمار في الماضي. وفي نفس القوت لا یمكن لبر الصین الرئیسي أن تفقد تایوان، إذا وقعت تایوان في أیدي قوة أجنبیة أو قوة انفصالیة، فإنھا لم تضع منھا فقط دور الحاجز، بل ستفتح بوابة بر الصین، ویضیع عمق وسعة الدفاع البحري الاستراتیجي، ویفسد نظام الدفاع البحري، بل ستصبح تایوان معبرا ومركزا لھجوم العدو الخارجي على بر الصین الرئیسي، وتصبح “حاملة الطائرات التي لا تغرق” في تھدید أمن بر الصین الرئیسي. لذلك من الطبیعي أن الصین حكومة وشعبا لن تتراجع في ھذه القضیة ذات العلاقة بأمن الدولة.

إلى جانب ذلك، تایوان ھي المحور الاستراتیجي لاتجاه الصین إلى العالم في عصر العولمة، ومجال استراتیجي لا یمكن الاستغناء عنھ لنھضة الأمة الصینیة. كانت وحدة الدولة والتضامن القومي أحد الأسباب لأن تكون الأمة الصینیة في مقدمة تطور الحضارة العالمیة في فترة طویلة من الفترات الماضیة. بالحفاظ على وضع الوحدة یمكن تھیئة شروط التبادل والاندماج لمختلف القومیات والمناطق، ویمكن توزیع وتوظیف الموارد المتنوعة بصورة معقولة، ویمكن تحقیق التنمیة الاجتماعیة وازدھار الدولة والنھوض القومیة. لقد شھد تاریخ الصین فترات الازدھار المشھورة مثل “عھد ون جینغ” و”عھد تشن قوان” و”عھد كانغ تشیان”، وشق طریق الحریر والقناة الكبرى وغیرھما من الأحداث العظیمة، كلھا ذات علاقة بوحدة البلاد. یشھد العالم الیوم تغیرات كبیرة لتغییر الأشكال الاجتماعیة، حیث تواجھ كل الدول منافسة عنیفة على سلطة القیادة الاستراتیجیة في القرن الجدید.

إن الوحدة وحدھا ھى التى یمكنھا أن تجمع قوة كل الأمة الصینیة لاستقبال تحدیات القرن. بینما تكون نتیجة الانفصال الوحیدة ھي استنزاف الموارد النفیسة للدولة والأمة أثناء المجابھة والاضطراب وفقدان فرص للتنمیة، وفقدان مكانة الأمة الصینیة في الوضع الاستراتیجي الدولي في القرن الجدید. خاصة أن ساحل جنوب شرقي الصین ھو ممر استراتیجي یربط الصین بالعالم، ھو شریان تنمیة البلاد، إذا سیطرت القوى الانفصالیة والعدو الخارجي على تایوان، قطع ھذا الشریان، ولن یكون فقط ھو ضیاع مساحة واسعة من بحار الصین والموارد البحریة فى أیدي الآخرین، بل ستصبح خطوط التجارة الخارجیة والمواصلات الخارجیة وخطوط نقل الطاقة التي تتعلق بإصلاح وانفتاح الصین وشریان اقتصاد الصین كلیا تحت مراقبة وسیطرة وتھدید القوى المعادیة، وسیغلق بر الصین الرئیسي في المجال المحدود غربي سلسلة الجزر الأولى بالمحیط الھادي، لتصبح الصین بلدا شبھ مغلق، وسوف لا تقتل فقط التنمیة الاقتصادیة في المنطقة الساحلیة بجنوب شرقیھا، بل سیخنق المجال الاستراتیجي لنھضة الأمة الصینیة. وسیصبح نھوض الصین سلمیا ونھضة الأمة الصینیة أمرا مستحیلا.

أخیرا، قضیة تایوان لیست مسألة لتایوان وحدھا، بل ھي مسألة لاستقرار وضع الدولة الاستراتیجي الكلي، فلن تھملھا الصین أبدا. منذ تأسیس الصین الجدیدة قبل أكثر من نصف قرن، تتعزز قوتھا الشاملة یومیا، وأصبح نھوض الصین سلمیا قوة لا تقاوم. لكن لیس كل الناس یرحبون بتنمیة الصین السلمیة. دائما یوجد من یرید ان یستخدم قضیة تایوان في تحجیم الصین في مكانھا القدیم استراتیجیا ومنع عملیة التنمیة الصینیة إلى أن تتفكك مثل الاتحاد السوفیتي. خاصة أنھ منذ فترة، انتشرت الحركات الإرھابیة والانفصالیة والتطرف في العالم، وتتعاون قوى “استقلال تایوان” و”استقلال التبت” و”استقلال تركستان الشرقیة” علنیا وتشتھر بخصائص التدویل والعنف والتسلح. وتحاول ھذه القوى تحقیق اختراق في قضیة تایوان أولا، ثم في التبت وشینجیانغ حتى أرجاء الصین، لتتفكك الصین في النھایة.

المبدأ الأساسي لحل قضیة تایوان ھو “التوحید سلمیا، دولة واحدة ونظامان”

من أجل حل قضیة تایوان بأسرع وقت ممكن، وتحقیق الوحدة سلمیا بین جانبي مضیق تایوان، بذلت حكومة الصین جھودا كبیرة منذ فترة طویلة، ووضعت المبدأ الأساسي “التوحید سلمیا، دولة واحدة ونظامان”، الأمر الذى عبر عن نیتھا الصادقة في تحقیق السلم ومشاعر الإصالة للعرق والدم التي تكنھا لمواطني تایوان.

في أواسط خمسینیات القرن العشرین، طرحت حكومة الصین اقتراحا لإقامة تفاوض مع الولایات المتحدة الأمریكیة لتخفیف الوضع المتوتر بمضیق تایوان، وقدمت اقتراحا حول حل قضیة تایوان سلمیا لحزب الكومینتانغ. في ینایر ١٩٥٦ أعلن الرئیس ماو تسي تونغ “تعاون الحزب الشیوعي الصیني وحزب الكومنتانغ مرتین، وتستعد للتعاون مرة ثالثة.” في إبریل ١٩٥٦ ،قدم الرئیس ماو تسي تونغ دعوة سیاسیة مثل “السلم أثمن ” و”كل محبي الوطن من أسرة واحدة” و” عدم وجود التمییز بین الأول والأخیر في حب الوطن”. في عام ١٩٦٣ ،لخص رئیس مجلس الدولة الصیني شو أن سیاسة الحزب الشیوعي الصیني حول حل قضیة تایوان تنقسم إلى أساس واحد وفروع أربعة: الأساس ھو لابد من توحید الصین متضمنة تایوان، الفروع الأربعة ھي:

أولا، بعد توحید الصین، تخول السلطة العسكریة والسیاسیة وشؤون العاملین إلى تشیانغ كاي شیك ما عدا تسلیم السلطة الخارجیة إلى الحكومة المركزیة؛ ثانیا، تعتمد الحكومة المركزیة كل المبالغ غیر الكافیة للتكالیف العسكریة والسیاسیة وتكالیف بناء الاقتصاد في تایوان (كان العجز المالي نحو ٨٠٠ ملیون دولار أمریكي سنویا لتایوان)؛ ثالثا، یمكن تأجیل إصلاح مجتمع تایوان، وسیقرر ھذا الإصلاح بالتشاور بعد أن تكون الظروف مواتیة واحترام رأي تشیانغ كاي شیك؛ رابعا، لا یبعث كل من الطرفین الجواسیس إلى طرف آخر، ولا یقوم بأعمال تخریب للطرف الآخر. عبر ماو تسي تونغ مرات أن بر الصین الرئیسي لن یغیر ھذه السیاسات ما دامت سلطة تایوان تحمي تایوان وتجعلھا لا تنفصل عن الصین. وسیاسة “الأساس الواحد والفروع الأربعة” ھي صورة مصغرة لمبدأ “التوحید سلمیا، دولة واحدة ونظامان”.

في بدایة رأس سنة ١٩٧٩ أصدر المجلس الوطني لنواب الشعب<رسالة إلى مواطني تایوان>> یعلن بمھابة فیھا سیاسة حكومة الصین حول حل قضیة تایوان سلمیا، ویدعو جانبي مضیق تایوان إلى إنھاء وضع المجابھة للقیام بالتفاوض؛ وعبر أن حكومة الصین ستفكر في واقع تایوان عندما تحل قضیة التوحید، وتحترم وضع تایوان الحالي والأخذ بآراء شخصیات مختلفة الأوساط بتایوان، وتتخذ طرقا معقولة، ولا تسبب خسائر بأبناء تایوان؛ وتؤكد أن سلطة تایوان في تلك الفترة تتمسك بموقف الصین الموحدة دائما وتعارض “استقلال تایوان”، مؤكدا على ذلك الموقف المشترك لجانبي المضیق وأساسا للتعاون بینھما. في عشیة الذكرى السبعین لثورة شینھاي (١٩١١ (یوم ٣٠ سبتمبر ١٩٨١ ،أصدر رئیس المجلس الوطني لنواب الشعب یھ جیان ینغ حدیثا لتوضیح ٩ مباديء ملموسة حول تحقیق وحدة الصین. من نقاطھا الرئیسیة: التفاوض المتناظر بین الحزب الشیوعي الصیني وحزب الكومینتانغ، وتحقیق التعاون للمرة الثالثة؛ تطبیق الاتصال المباشر بریدیا وتجاریا وملاحیا، القیام بالتبادل الأكادیمي والثقافي والریاضي؛ بعد توحید الوطن تتمتع تایوان بمكانتھا كمنطقة إداریة خاصة، بدرجة عالیة من الحكم الذاتي ویمكنھا أن تحتفظ بجیشھا؛ لا یتغیر النظام الاجتماعي والاقتصادي الموجود في تایوان، وعلاقاتھا الاقتصادیة والثقافیة مع الدول الخارجیة لا تتغیر، لا یعتدي على حق ملكیة الممتلكات والبنایات والأراضي والمؤسسات الخاصة وحق الإرث المشروع والاستثمار الأجنبي؛ یمكن لممثلي سلطة تایوان ومختلف الأوساط أن یتولوا المناصب القیادیة بالأجھزة السیاسیة الوطنیة ویشتركوا في إدارة الدولة؛ یمكن لأبناء تایوان أن یھاجروا إلى بر الصین الرئیسي أو یعودوا إلى تایوان بحریة، وترحب باستثمار تجار تایوان في بر الصین الرئیسي، وتضمن حقوقھم ومصالحھم وأرباحھم المشروعة، وترحب بشخصیات مختلف الأوساط بتایوان في المناقشة حول شؤون الدولة معا. في ١١ ینایر ١٩٨٢ أشار دنغ شیاو بینغ إلى أن طبیعة المبادئ التسعة التي طرحت باسم یھ جیان ینغ ھي “دولة واحدة ونظامان”. تحت مقدمة توحید البلاد، یطبق نظام الاشتراكیة في قوام الدولة الرئیسي، ویطبق نظام الرأسمالیة في تایوان. في دیسمبر ١٩٨٢ ،انعقدت الدورة الخامسة للمجلس الوطني الخامس لنواب الشعب، تنص المادة ٣١ من <<دستور جمھوریة الصین الشعبیة>> المعدل في ھذه الدورة على: “عند الضرورة تقیم الدولة منطقة إداریة خاصة. النظام الذي یطبق في المنطقة الإداریة الخاصة یحدده المجلس الوطني لنواب الشعب بأسلوب قانونى وفقا للأحوال الملموسة للمنطقة”. ویقصد بالمنطقة الإداریة الخاصة في ھذه المادة “دولة واحدة ونظامان”. الأمر الذى یدل على أن “دولة واحدة ونظامان” قد كتب في دستور الصین، ولتطبیق “دولة واحدة ونظامان” ضمان دستوري. في ٢٦ یونیو ١٩٨٣ طور دنغ شیاو بینغ الفكرة حول التوحید بین بر الصین الرئیسي وتایوان سلمیا مشیرا إلى ان محور قضیة تایوان ھي توحید الوطن. التوحید السلمي لا یعني أن یبتلع البر الرئیسي تایوان، ولا تبتلع تایوان البر الرئیسي. بعد التوحید، یمكن لتایوان أن تطبق نظاما یختلف عن نظام البر الرئیسي بصفتھا منطقة إداریة خاصة، وتمتلك سلطة التشریع والسلطة القضائیة، وسلطة النقض لا داعي أن تكون في بكین. ویمكن لتایوان أن تمتلك جیشا لھا بشرط عدم تكوین تھدید للبر الرئیسي. في یونیو ١٩٨٩ ،فى الدورة الرابعة للمؤتمر الوطني الثالث عشر للحزب الشیوعي الصیني تم إعلان “أن مبدأ توحید الوطن سلمیا وفكرة “دولة واحدة ونظامان” اللذین طرحا بعد الدورة الثالثة للمؤتمر الحادي عشر للحزب الشیوعي الصیني ھما سیاستنا الأساسیة. في ٣٠ ینایر ١٩٩٥ ،أصدر رئیس الصین جیانغ تسھ مین كلمة مھمة تحت عنوان “مواصلة الكفاح في سبیل دفع إنجاز قضیة توحید الوطن”، حیث أوضح بمزید فكرة “التوحید السلمي ودولة واحدة ونظامان”، وقدم ٨ مبادئ لتطویر العلاقات بین جانبي المضیق ودفع عملیة توحید الوطن السلمي، الأمر الذي طور سیاسة “التوحید السلمي، دولة واحدة ونظامان” تطویرا أكثر.

سیاسة “التوحید السلمي، دولة واحدة ونظامان” نظام كامل للسیاسات، حیث یتطور مع تطور الممارسات باستمرار. ونقاطھ الرئیسیة كما یلي:
١ .الصین الواحدة. في العالم صین واحدة، ینتمي بر الصین الرئیسي وتایوان إلى إلیھا. لا یمكن تقسیم سیادة الصین وسلامة أراضیھا. نعارض بحزم كل المحاولات والأعمال الھادفة إلى تقسیم سیادة الصین وسلامة أراضیھا. مكانة تایوان كجزء لا یتجزأ من الصین ثابتة، لا یمكن تغییرھا، ولا یوجد ما یسمى بـ”الاستفتاء العام”.

٢ .تواجد النظامین معا. بعد التوحید، وتحت مقدمة الصین الواحدة، یطبق النظام الاشتراكي في بر الصین الرئیسي، والنظام الرأسمالي في تایوان، یتواجد النظامان معا لمدة طویة ویتطوران معا، لا یبتلع أیھما الآخر. النظام الاجتماعي والاقتصادي الجاري في تایوان لا یتغیران، وأسلوب الحیاة لا یتغیر، وعلاقاتھا الاقتصادیة والثقافیة مع البلدان الأخرى لا تتغیر. یحمي القانون الممتلكات والبنایات والأراضي الخاصة وحق ملكیة المؤسسات وحق الإرث المشروع واستثمار المغتربین الصینیین والأجانب.

٣ .الدرجة العالیة من الحكم الذاتي. بعد التوحید، تصبح تایوان منطقة إداریة خاصة، تختلف عن المناطق والمقاطعات الصینیة الأخرىوعن منطقتي ھونغ كونغ وماكاو الإداریتین الخاصتین، تتمتع بدرجة عالیة من الحكم الذاتي. تمتلك سلطة الإدارة التنفیذیة والسلطة التشریعیة والسلطة القضائیة المستقلة وسلطة النقض في تایوان؛ وتدیر بنفسھا الشؤون الحزبیة والسیاسیة والعسكریة والاقتصادیة والمالیة؛ یمكنھا أن توقع الاتفاقیات التجاریة والثقافیة مع البلدان الأجنبیة، وتتمتع بدرجة معینة فى سلطة الشؤون الخارجیة؛ لھا جیش، ولا یبعث البر الرئیسي جیشا ولا إداریین لیقیموا في تایوان. یمكن لممثلي حكومة منطقة تایوان الإداریة الخاصة ومختلف الأوساط بھا أن یتولوا المناصب القیادیة لأجھزة الدولة الإداریة ویشتركوا في إدارة الشؤون الوطنیة.

٤ .التفاوض السلمي. محور تحقیق توحید الوطن سلمیا ھو حل المشاكل بالتفاوض. ویمكن إجراء التفاوض حول توحید الصین سلمیا بین جانبي مضیق تایوان على خطوات. الخطوة الأولى: یمكنالقیام بالتفاوض حول إنھاء وضع العداء المتبادل بین جانبي المضیق تحت مبدأ الصین الواحدة أولا، ویتفق الطرفان حول ذلك لیتحملا الواجبات معا ویحمیا سیادة الصین وسلامة أراضیھا، ویخططا لتطویر العلاقات بین جانبي المضیق. یمكن التفاوض حول أي موضوع تحت مقدمة الصین الواحدة. وبواسطة التشاور المتساوي، یمكن إقامة آلیة الثقة المتبادلة، وتشكیل إطار للعلاقات بین جانبي المضیق وتطویرھا سلمیا ومستقرا؛ وبواسطة التشاور المتساوي، تحل مشكلة مجال نشاطات منطقة تایوان في العالم بالنسبة لمكانتھا، لتتمتع بكرامة الأمة الصینیة معا. وبتنفیذ التفاوض السلمي بتلك الخطوات، نحقق قضیة توحید الوطن.

مبدأ “التوحید السلمي، دولة واحدة ونظامان” ھو أحد القرارات الاستراتیجیة الھامة التى اتخذھا الحزب الشیوعي الصیني وحكومة الصین انطلاقا من واقع المرحلة الجدیدة. تجاوز ھذا القرار الفروق أیدیولوجیا في النظام السیاسي، وأخذ مصالح الأمة الصینیة الأساسیة بعین الاعتبار، وسعي على أساس المشاعر والمصالح والأمجاد القومیة، ومن وراء كل الأشیاء المشتركة ھو حب الوطن ونھضة الأمة الصینیة وترك الخلاف الأیدیولوجي في النظام الاجتماعي جانبا لتحقیق التواجد المشترك بفترة طویلة والتعایش السلمي، الأمر الذى عبر عن الإرادة والعزیمة القویة لحمایة كرامة الأمة الصینیة والدفاع عن سیادة الدولة وسلامة أراضیھا وجسد المراعاة لمصالح الطرفین، والمرونة والابتكار سیاسیا لتجنید كل العناصر الإیجابیة التي یمكن تجنیدھا وتحویل القوة المانعة إلى قوة مساعدة. لذلك مبدأ “التوحید السلمي، دولة واحدة ونظامان” الأساسي ھو أفضل اختیار لحل قضیة تایوان.

التمسك بالتوحید السلمي مع عدم التعھد بالتخلي عن اللجوء إلى قوة

تحقیق التوحید سلمیا والتجنب من استخدام القوة لجانبي مضیق تایوان، الأمرالذى یفید جمع كل الموارد الاستراتیجیة في بناء مجتمع رغد (شیاوكانغ)، ومزج مشاعر المواطنین في جانبي مضیق تایوان والازدھار والاستقرار طویل الأمد في تایوان بعد التوحید، كما یفید حمایة السلم والاستقرار في منطقة آسیا والمحیط الھادي. لن یتخلى الحزب الشیوعي الصیني وحكومة الصین وشعبھا عن جھودھم لتوحید الوطن بتفاوض سلمي، ولن تتغیر نیتھم الصادقة في تحقیق التنمیة السلمیة مع مواطني تایوان. لكنھم لن یتعھدوا بالتخلي عن اللجوء إلى قوة إذا لزم الأمر.

السبب لذلك یتعلق بالدرجة الاولى بسیادة الدولة. إن حل قضیة تایوان یعد من شؤون الصین الداخلیة، ویحق لحكومة الصین أن تتخذ كل الوسائل الضروریة التي من ضمنھا الوسیلة العسكریة، ولیس من واجبھا أن تتعھد للقوى الانفصالیة التایوانیة والقوى المعادیة للصین في العالم بعدم اللجوء إلى القوة، كما لا یحق لأي دولة أن تتدخل في قضیة تایوان التي ھي من شؤون الصین الداخلیة. ثانیا، یعتبر الأمر التفكیر الاستراتیجي لحل قضیة تایوان. تعوق القوى المعادیة للصین في العالم وتسعى الى تخریب قضیة توحید الصین دائما، وعارضت سلطة تایوان التوحید فترة طویلة، وتحاول القوى الانفصالیة داخل تایوان وخارجھا انفصال تایوان عن الصین دائما، لذلك لا یجوز لنا أن نقید أنفسنا. إذا قیدنا أنفسنا، سنعرقل تحقیق أمنیة حل قضیة تایوان سلمیا. أكد دنغ شیاو بینغ: “علینا أن نحفظ ھذه النقطة، وعلى الأجیال القادمة أن تحفظھا، فھي نوع من التفكیر الاستراتیجي.” الجدیر بالاھتمام أنھ منذ تولي لي دنغ ھوي وتشن شوي بیان سلطة تایوان، وھما یطبقان خط “استقلال تایوان” الانفصالي، وطرحا بما یسمى “دولتان” و”دولة واحدة في كل من جانبي المضیق”، وتقوم سلطة تایوان بحملة “إزالة كل ما ھو صیني”، وتبذر بذور الخلاف والتعارض بین القبائل ومجموعات الناس، وتحرض عداء جماھیر تایوان لبر الصین الرئیسي، وتدعو إلى شن ما یسمى “الحرب المقدسة” ضد بر الصین الرئیسي، وتحث خطاھا في تنفیذ الجدول الزمني لـ”الاستفتاء- وضع الدستور-إقامة الدولة” لـ”استقلال تایوان”. وفي نفس الوقت، لم تبخل سلطة تایوان فى إنفاق أموال ھائلة لشراء الصواریخ والطائرات والسفن وغیرھا من الأسلحة والتجھیزات الحدیثة استعدادا لما تسمیھ “المبادرة في السیطرة ومقاومة السیطرة” و”الحرب النھائیة خارج الصین” و”شن حرب لوضع الدستور وتأسیس الدولة” محاولة لمقاومة التوحید بالقوة لتحقیق ھدف “استقلال تایوان” الانفصالي.

تواجھ تایوان خطر انفصالھا من أراضي الصین  دائما. لم تھدد فقط أعمال لي دنغ ھوي وتشن شوي بیان الانفصالیة السلم والاستقرار بجانبي مضیق تایوان، وسیادة الدولة الصینیة وسلامة أراضیھا، بل تھدد في نفس الوقت السلم والاستقرار في منطقة آسیا والمحیط الھادي. أمام ھذا الوضع الخطیر، لا یمكن لحكومة الصین والشعب الصیني البالغ عدده ٣ر١ ملیار إلا أن یكونوا في یقظة عالیة. وعدم التعھد بعدم اللجوء إلى القوة لیس موجھا ضد مواطني تایوان، بل موجھ ضد قوى استقلال تایوان الانفصالیة وقوى التدخل الخارجیة. إن “استقلال تایوان” یعني الحرب، لا یوجد السلم بالانفصال. إذا أصرت سلطة تایوان على ھذا الطریق الخطیر لصنع ما یسمى “استقلال تایوان”، فلن تبخل حكومة الصین والشعب الصیني فى دفع أي ثمن لتحطیم مؤامرة “استقلال تایوان” الانفصالیة نھائیا وبحزم. ومنع نشاطات “استقلال تایوان” الانفصالیة ودفع التوحید السلمي بین جانبي مضیق تایوان وحمایة السلم والاستقرار في مضیق تایوان، الأمر الذى لا تكمن فیھ فقط المصلحة الأساسیة للصین بل تكمن فیھ المصالح المشتركة لمختلف البلدان في منطقة آسیا والمحیط الھادي. إذا وضعت أیة قوى خارجیة نفسھا في موقع یعادي الشعب الصیني البالغ عدده ٣ر١ ملیار، وتتدخل في شؤون الصین الداخلیة، وتساعد وتدعم نشاطات قوى “استقلال تایوان” الانفصالیة، ستكون نتیجتھا النھائیة تماما مثل من “یرفع حجرا لیسقط على قدمھ فى النھایة”. لن یسمح الشعب الصیني بذلك أبدا. وأیة قوة لا یمكنھا أو توقف خطوات توحید الصین العظیمة (كما ذكرنا سابقاً على حد قول الحكومة الصينية).