الصين تطوير وتنمية العلاقات مع الدول المتقدمة ، تحرص الصین على تحسین وتطویر العلاقات مع الدول المتقدمة داعیة إلي تجاوز اختلاف النظم الاجتماعیة والأیدیولوجیة بین البلدان المختلفة والاحترام المتبادل والسعي للنقاط المشتركة وترك الخلاف جانبا وتوسیع التعاون ذي المنفعة المتبادلة. فیما یتعلق بالخلافات بینھا وبین الدول المتقدمة، یجب التمسك بالحوار على أساس المساواة والاحترام المتبادل وعدم اللجوء إلي المواجھات، بل تسویتھا على خیر وجھ..
العلاقات الصینیة الیابانیة
الصین والیابان جاران لا یفصلھما إلا شریط مائي وكانت بینھما في الماضي اتصالات وتبادلات ودیة وكثیفة. بعد تأسیس الصین الجدیدة، وضعت الصین إعادة بناء وتنمیة علاقات حسن الجوار مع الیابان في مكانة مھمة لسیاستھا الخارجیة، ولكن بعض زعماء الیابان تبنوا في فترة غیر قصیرة سیاسة تبعیة الولایات المتحدة باعتبار الصین عدوا، وھذا ما جعل تطور العلاقات الصینیة الیابانیة یمر بمنعطفات.
في سبتمبر عام ١٩٧٢ ،أصدر البلدان “البیان الصیني- الیاباني المشترك” لتطبیع العلاقات الدبلوماسیة بینھما. في أغسطس عام ١٩٧٨، وقع البلدان “معاھدة الصداقة والسلام الصینیة- الیابانیة” التي تنص على: أن یعقد الطرفان المتعاقدان العزم على تطویر علاقات الصداقة والسلام الطویلة المدى بین البلدین على أساس المبادئ الخمسة للتعایش السلمي وتسویة كل النزاعات من خلال الوسائل السلمیة بدلا من اللجوء إلي القوة أو التھدید بالقوة؛ ویرغبان في بذل الجھود باستمرار لتفعیل التعاون الاقتصادي والثقافي وتعزیز التبادلات والاتصالات بین شعبي البلدین. إضافة إلي ذلك، صرح الطرفان المتعاقدان بأنھ على أي طرف ألا یسعى وراء إلى الھیمنة في منطقة آسیا والمحیط الھادي أو أیة منطقة أخرى، بل یعارض أیة دولة أو كتلة تنشئ ھذا النوع من الھیمنة.
شھدت العلاقات الثنائیة بین الصین والیابان تطورات في مختلف المجالات منذ تطبیع العلاقات الدبلوماسیة بین البلدین وتوقیع معاھدة الصداقة والسلام، حیث تم تبادل اتصالات وحوارات رفیعة المستوى بین زعماء البلدین وعقدت لقاءات في محافل متعددة الأطراف.
في نوفمبر عام ١٩٩٨ ،قام الرئیس الصیني السابق جیانغ تسھ مین بزیارة رسمیة للیابان وكانت أول زیارة یقوم بھا رئیس صیني للیابان في التاریخ، حیث توصل الزعیمان الصیني والیاباني إلي آراء مشتركة حول اتجاه تطور العلاقات الثنائیة وأعلنا إنشاء علاقات شراكة وصداقة وتعاون سعیا وراء السلام والتطور. علاوة على ذلك، أصدر الجانبان ثالث وثیقة مھمة للعلاقات الثنائیة وھي “البیان الصیني – الیاباني المشترك” التي تستشرف مستقبل العلاقات الصینیة الیابانیة وتضع خطة لھا بصورة شاملة.
الآن، یبلغ حجم التبادل التجاري بین الصین والیابان أكثر من ١٣٠ ملیار دولار أمریكي ویبلغ حجم التبادل البشري بین البلدین أكثر من ٣ ملایین فرد/ مرة سنویا وھناك أكثر من ٢٠٠ مدینة صینیة ویابانیة متآخیة. والتبادلات بین مختلف روابط الصداقة الشعبیة بین البلدین نشیطة للغایة ویشھد التعاون والتبادل بین البلدین في مجالات الثقافة والتعلیم والعلوم والتكنولوجیا نتائج إیجابیة مثمرة. ھذا الوضع الممتاز للتنمیة والتطور غیر مسبوق في تاریخ التبادل بین الصین والیابان الذي استمر ألفي عام، بل إنھ أمر غیر معھود في العالم. ھذا یدل على أن العلاقات الصینیة الیابانیة تطورت إلي حد كبیر أفقیا ورأسیا.
رغم أن الصین والیابان بینھما تعاون وصداقة، ھناك بعض القضایا الحساسیة بینھما تعتبر القضایا التاریخیة قضیة سیاسیة حساسیة في العلاقات الصینیة الیابانیة. في مفاوضات تطبیع العلاقات الدبلوماسیة بین الصین والیابان عام ١٩٧٢ كانت كیفیة قراءة تاریخ الاعتداء العسكري الیاباني على الصین والتعامل معھ بؤرة الاھتمام، حسبما جاء في “البیان الصیني – الیاباني المشترك” و”معاھدة الصداقة والسلام بین الصین والیابان”، شكلت القضایا التاریخیة الأساس السیاسي للعلاقات الصینیة الیابانیة. تدعو الصین على الدوام إلي أن “تجارب الماضیة، إن لم تنس، تكون مرشدة للمستقبل” راغبة في رؤیة المستقبل وتنمیة علاقات الصداقة جیلا بعد جیل بین شعبي البلدین على أساس احترام التاریخ، لكن الشرط المسبق ھو الاعتراف بالتاریخ.
في عام ١٩٩٨ ،قام الرئیس الصیني السابق جیانغ تسھ مین بزیارتھ للیابان، حیث اعترفت الیابان لأول مرة بغزوھا للصین وأعربت عن محاسبة نفسھا عمیقة المدى والاعتذار وأكدت مع الجانب الصیني على أن قراءة التاریخ والتعامل معھ بشكل صحیح ھو أساس ھام لتطور العلاقات الصینیة الیابانیة. على رغم من ذلك، ثمة عدد قلیل للغایة من العناصر الیمینیة الیابانیة ینكرون، بل یجتھدون في تجمیل تاریخ الغزو، وھذا یشكل
إزعاجا للعلاقات الصینیة الیابانیة. لذلك، تحث الحكومة الصینیة الحكومة الیابانیة على الوفاء بتصریحاتھا وتعھداتھا إزاء القضایا التاریخیة من خلال الأعمال الواقعیة وتقیید العناصر الیمینیة القلیلة وتعلیم مواطني الیابان المفھوم التاریخي الصحیح.
یشتمل الأساس السیاسي للعلاقات الصینیة الیابانیة على قضیة تایوان. استولت الیابان على تایوان لمدة ٥٠ عاما وطبقت فیھا حكما استعماریا وأعادت تایوان وجزر بنغھو إلي الصین بعد انتھاء الحرب العالمیة الثانیة، لكنھا، في الحقیقة، تبنت نظریة “عدم تحدید تبعیة تایوان” كمبدأ أساسي لسیاستھا ضد الصین بینما لجأت إلي الولایات المتحدة واعترفت بسلطة تشانغ كاي شیك في تایوان. بعد المفاوضات المتكررة، أشارت المادة الثالثة من”البیان المشترك بین الصین والیابان” الموقع عام ١٩٧٢ إلي “تصرح حكومة جمھوریة الصین الشعبیة من جدید: تایوان ھي جزء لا یتجزأ من أراضي جمھوریة الصین الشعبیة. على الحكومة الیابانیة أن تفھم وتحترم
بشكل شامل موقف الحكومة الصینیة ھذا وتتمسك بالموقف المبین في المادة الثامنة من”إعلان بوتسدام”. یؤكد كل ما سبق ذكره أنھ قد تمت التسویة السیاسیة للمشاكل الناتجة عن وضع تایوان بین الصین والیابان
من خلال تطبیع العلاقات الدبلوماسیة بین البلدین وقد توصل الجانبان إلى تفاھم إزاء نوعیة العلاقات بین الیابان وتایوان ومبدأ التعامل. لكن بعض الیابانیین ما زالوا یحاولون التدخل في قضیة تایوان. موقف الجانب الصیني إزاء العلاقات الصینیة الیابانیة واضح للغایة، وھو أنھ لا جدال في التبادلات الشعبیة بین الیابان وتایوان، لكن الصین تعارض بحزم التبادلات الرسمیة بأي شكل من الأشكال وتعارض “دولتین للصین” أو” صین واحدة
وتایوان واحدة”؛ على الحكومة الیابانیة أن تلتزم بصرامة بالروح المبدئیة لـ”البیان الصیني-الیاباني المشترك” و”معاھدة الصداقة والسلام بین الصین والیابان” و”التصریح الصیني – الیاباني المشترك” لمعالجة ھذه القضیة
على نحو سلیم والحفاظ على المصلحة العامة للعلاقات الصینیة الیابانیة.
ھناك خلاف بین الصین والیابان إزاء السیادة على جزر دیاویو. تقع جزر دیاویو في شمال شرقي مدینة جیلونغ بمقاطعة تایوان الصینیة على بعد ٩٢ میلا بحریا من میاه بحر الصین الشرقي وھي جزر تابعة لتایوان تتكون من جزر دیاویو وجزر ھوانغوي وجزر تسیوي والجزر الجنوبیة والشمالیة الصغیرة وبعض الصخور البحریة. جزر دیاویو أرض صینیة منذ قدیم الزمان، فسیادة الصین على جزر دیاویو والمیاه المجاورة لیست موضع جدل. نظرا للمبادرات الیابانیة المختلفة نحو قضیة جزر دیاویو، توصلت الحكومة الصینیة مع الجانب الیاباني إلي تفاھم بشرط الالتزام بالموقف الدائم انطلاقا من تنمیة العلاقات الصینیة الیابانیة، ألا وھو وضع الخلافات جانبا ومعالجتھا في المستقبل وعدم اتخاذ تصرفات من جانب واحد لتجنب الإساءة للمصلحة العامة بین البلدین بسبب ھذه القضیة. في السنوات الأخیرة، تثیر العناصر الیمینیة في الیابان بلا انقطاع اضطرابات بحجة قضیة دیاویو وتطالب الحكومة الصینیة في كل مرة بتدخل عادل وحازم مع الجانب الیاباني من خلال السبل والوسائل
الدبلوماسیة وأبدى الجانب الیاباني موقف الحكومة الیابانیة الأساسي المتمثل في عدم مشاركة ودعم تصرفات المجموعات الیمینیة مؤكدا على أن تصرفات الجناح الیمیني تلحق الضرر بتطویر العلاقات الصینیة الیابانیة وتنحرف عن موقف الحكومة الیابانیة.
العلاقات الصینیة الروسیة
الاتحاد السوفیتي كان أول دولة اعترفت بالصین الجدیدة وتبادلت السفراء معھا. في ٢ أكتوبر ١٩٤٩ وھو الیوم الثاني لتأسیس جمھوریة الصین الشعبیة، أنشأت الصین علاقات دبلوماسیة مع الاتحاد السوفیتي. بعد أربعة شھور، وقع الجانبان “المعاھدة الصینیة السوفیتیة للتحالف الودي”.
بعد فترة من ذلك، تعاون البلدان ودعما بعضھما في المجالات السیاسیة والثفاقیة والاقتصادیة، لكن منذ أواخر الخمسینات، بدأت العلاقات الثنائیة تسوء وظلت في حالة غیر طبیعیة خلال الثلاثین سنة التالیة. إضافة إلي
ذلك، اضطربت الأوضاع على حدود البلدین التي كانت ھادئة بعد أن ساءت العلاقات الصینیة السوفیتیة ودعت الحكومة الصینیة إلي تسویة النزاعات الحدودیة من خلال المفاوضات السلمیة، بید أن الاتحاد السوفیاتي كان یثیر على الدوام حوادث دمویة منذ عام ١٩٦٠ ،إلى أن غزت القوات السوفیتیة جزیرة تشنباو في الأراضي الصینیة ووقع صدام مسلح حدودي شامل عام ١٩٦٩ ،فبلغت المواجھات بین الصین والاتحاد السوفیتي ذروتھا. في أكتوبر عام ١٩٦٩ ،عقد البلدان في بكین مفاوضات على مستوى نواب وزیر الخارجیة حول القضایا الحدودیة. بعد ذلك، رغم أن قیادة الاتحاد السوفیتي أعربت عدة مرات عن رغبتھا في تحسین العلاقات بین البلدین، إلا أنھا نشرت ملایین الجنود على الحدود الصینیة السوفیتیة والحدود الصینیة المنغولیة لمواصلة فرض تھدیدات خطیرة على أمن الصین.
في أواخر السبعینات، بادر الزعیم الصیني دنغ شیاو بینغ بإنشاء علاقات حسن الجوار الحدیثة مع الاتحاد السوفیتي على أساس المبادئ الخمسة للتعایش السلمي. في أكتوبر عام ١٩٧٩ ،أجرت الصین والاتحاد السوفیتي مفاوضات حول القضایا المعلقة وتحسین العلاقات الثنائیة بین البلدین ولكن ھذه المفاوضات توقفت فیما بعد بسبب اعتداء الاتحاد السوفیتي على أفغانستان. في مارس ١٩٨٢ ،ألقى الزعیم السوفیاتي بریجینیف كلمة حول سیاسة بلاده إزاء الصین، التي تضمنت معلومات حول تحسین علاقات الاتحاد السوفیتي مع الصین، ورد الجانب الصیني على الفور. في أكتوبر من نفس العام، انعقدت الدورة الأولي للمفاوضات على المستوى الوزاري بین الصین والاتحاد السوفیتي، التي كانت البدایة لتحول العلاقات بین البلدین من المجابھة الطویلة الأجل إلي الوفاق، حیث أشارت الصین إلي أن تحسین العلاقات بین الصین والاتحاد السوفیتي یفتقر إلي إزالة ثلاثة عوائق كبرى ھي، أن یحث الاتحاد السوفیتي فیتنام على الانسحاب من كمبودیا ویضع حدا لاحتلال أفغانستان وأن یسحب قواتھ من الحدود الصینیة السوفیتیة والحدود الصینیة المنغولیة لإزالة تھدیدھا لأمن
الصین.
في عام ١٩٨٥ ،اعتلى میخائیل غورباتشوف السلطة في الاتحاد السوفیتي وبدأ تعدیل السیاسات الداخلیة والخارجیة. اغتنم الزعیم الصیني الراحل دنغ شیاو بینغ الفرصة، فشھدت المفاوضات بین الصین والاتحاد السوفیتي تطورا كبیرا. بعد ذلك أزیلت العوائق الكبرى الثلاثة التي أثرت مباشرة على إعادة وتحسین وتطویر العلاقات بین الصین والاتحاد السوفیتي بصورة تدریجیة. في مایو ١٩٨٩ ،قام میخائیل غورباتشوف بزیارة رسمیة للصین وأعلن الزعیم الصیني الراحل دنغ شیاو بینغ في اللقاء:” أن العلاقات الصینیة السوفیتیة حققت التطبیع منذ ذلك الوقت. ”
بعد تفكك الاتحاد السوفیتي في دیسمبر ١٩٩١ ،اعترفت الحكومة الصینیة على التوالي بروسیا والجمھوریات المستقلة التي كانت مشتركة في الاتحاد وفقا لمبادئ عدم التدخل في السیاسة الداخلیة واحترام اختیار الشعوب ، بل أقامت معھا العلاقات الدبلوماسیة على مستوى السفراء.
تعتبر روسیا أكبر دولة مجاورة للصین. قام الرئیس الروسي السابق بوریس یلتسن بزیارة للصین في دیسمبر١٩٩٢ ،حیث أصدرت الصین وروسیا بیانا مشتركا یعلن الحفاظ على وتطویر علاقات الصداقة وحسن
الجوار والتعاون ذي المنفعة المتبادلة الطویلة الأجل بین البلدین. فیما بعد، حافظت العلاقات الصینیة الروسیة على قوة دافعة جیدة للنمو وتتكثف التبادلات بین قادة البلدین، حیث بادر كلا الجانبین باعتبار المبادئ الخمسة
للتعایش السلمي والمبادئ المقررة في القانون الدولي المبادئ الأساسیة لمعالجة العلاقات بین الدول المختلفة لإنشاء نظام دولي جدید لتسویة النزعات بین الدول بالسبل والطرق السیاسیة.
في عام ١٩٩٧ ،قام الرئیس الصیني السابق جیانغ تسھ مین بزیارة رسمیة لروسیا، حیث وقع البلدان “البیان المشترك حول تعدد الأقطاب في العالم وإنشاء نظام دولي جدید”، وھو ما أبرز آراء البلدین المشتركة حول
اتجاه تطور الوضع الدولي بعد الحرب الباردة ومواقفھما الموحدة إزاء سلسلة من الشوؤن الدولیة المھمة وأ ُعلن عن إنشاء اللجنة الصینیة الروسیة للصداقة والسلام والتنمیة.
في یولیو ٢٠٠١ ،قام الرئیس الصیني السابق جیانغ تسھ مین بزیارة رسمیة لروسیا بدعوة من الرئیس الروسي فلادیمیر بوتین، حیث وقع الزعیمان بصورة رسمیة “معاھدة الصداقة وحسن الجوار بین جمھوریة
الصین الشعبیة وروسیا الاتحادیة”. تعتبر العلاقات الصینیة الروسیة علاقات دولة طبیعیة وحدیثة، تقوم على الصداقة وحسن الجوار الطویل الأجل بین البلدین على أساس عدم الانحیاز وعدم المجابھة وعدم استھداف
طرف ثالث، فاصبح البلدان جیرانا ورفاقا وأصدقاء حمیمین.
تمتد الحدود الصینیة الروسیة ٤٣٧٤ كیلومترا منھا الحدود الشرقیة بطول ٤٣٢٠ كیلومترا والحدود الغربیة بطول ٥٤ كیلومترا. بالنسبة لقضایا الحدود التي خلفھا التاریخ، قام الجانبان بترسیم حوالي ٩٧ ٪من الخطوط الحدودیة ووقعا “اتفاقیة الحدود الشرقیة بین الصین والاتحاد السوفیتي” في عام ١٩٩١ و”اتفاقیة الحدود الغربیة بین الصین وروسیا” في عام ١٩٩٤ على أساس معاھدات الحدود المعنیة بین البلدین ووفقا لمبادئ القانون الدولي وانطلاقا من روح المشاورات المتساویة والتفاھم والتنازل المتبادلین. في ٩ دیسمبر ١٩٩٩ ،وقع الجانبان الصیني والروسي ببكین “بروتوكول حول الحدود الشرقیة بین الصین وروسیا” و”بروتوكول حول الحدود الغربیة بین الصین وروسیا”. یدل توقیع الوثائق المذكورة أعلاه والنجاح التام لأعمال استطلاع الحدود على أن الصین وروسا قد قامتا بترسیم الحدود التي تم الإجماع علیھا بأشكال قانونیة وقامتا بالترسیم المیداني للحدود لأول مرة في تاریخ العلاقات الثنائیة.
في أكتوبر ٢٠٠٤ وقع الطرفان الصیني والروسي “ملحق اتفاقیة الحدود الشرقیة بین الصین وروسیا”، بذلك تم ترسیم كل الخطوط الحدودیة بین الصین وروسیا.
العلاقات بین الصین والولایات المتحدة الأمریكیة
بعد تأسیس جمھوریة الصین الشعبیة عام ١٩٤٩ ،فرضت الولایات المتحدة سیاسة حصار وعزل الصین، وكان البلدان في قطیعة ومواجھة متبادلة. منذ عام ١٩٦٧ ،عبر الرئیس الأمریكي ریتشارد نیكسون مرات عن الرغبة في تحسین العلاقات بین البلدین من أجل حمایة المصالح الأمریكیة الإستراتیجیة في ظل التنازع على الھیمنة مع الاتحاد السوفیتي.
وقد تمسك ماو تسي تونغ وشو ان لاي بالفرصة السانحة وردا إیجابیا، فحققت العلاقات بین البلدین تطورا تاریخیا. زار نیكسون الصین في فبرایر عام ١٩٧٢ ،وأصدر البلدان “البیان الصیني الأمریكي المشترك” الذي فتح
الباب للتبادلات الودیة بین الدولتین.
كانت مشكلة تایوان ھي العقبة الكبرى لإقامة العلاقات الدبلوماسیة بین الصین والولایات المتحدة. تمسكت الحكومة الصینیة بإقامة العلاقات الدبلوماسیة مع الولایات المتحدة على أساس أن تقطع الولایات المتحدة
“العلاقات الدبلوماسیة” مع تایوان، وتسحب قواتھا من تایوان، وتلغي <<معاھدة الدفاع المشترك>> بینھا وتایوان. أصدر الجانبان <<البیان المشترك حول إقامة العلاقات الدبلوماسیة بین جمھوریة الصین الشعبیة
والولایات المتحدة>> في الیوم السادس عشر من دیسمبر عام ١٩٧٨ بعد جولات عدیدة من المفاوضات. یشتمل البیان على:
أولا، اعتراف الحكومة الأمریكیة بوجود صین واحدة فقط وأن تایوان جزء لا یتجزأ من الصین والاعتراف بأن حكومة جمھوریة الصین الشعبیة ھي الحكومة الشرعیة الوحیدة للصین، وأن یحافظ الشعب الأمریكي على العلاقات الثقافیة والتجاریة وغیرھا من العلاقات غیر الرسمیة مع تایوان في ھذا الإطار؛ ثانیا، بمناسبة تطبیع العلاقات بین الصین وأمریكا، تعلن الحكومة الأمریكیة قطع “العلاقات الدبلوماسیة” مع تایوان فورا، وتسحب قواتھا ومرافقھا العسكریة من تایوان ومضیق تایوان قبل عام ١٩٧٩ وتخطر سلطات تایوان بإنھاء <<معاھدة الدفاع المشترك>> بینھما؛ ثالثا، في الیوم الأول من ینایر عام ١٩٧٩ ،یكون الاعتراف المتبادل وإقامة العلاقات الدبلوماسیة بین البلدین وفي الیوم الأول من مارس، یتم تبادل السفراء وإقامة السفارات.
لكن بعد شھرین فقط من إقامة العلاقات الدبلوماسیة بین الصین والولایات المتحدة، وافق الكونغرس الأمریكي على “قانون العلاقات مع تایوان” لیكون تشریعا أمریكیا، یضمن ھذا التشریع محتویات كثیرة خالفت البیان الرسمي لإقامة العلاقات الدبلوماسیة. جوھر ھذا القانون ھو أن الولایات المتحدة تعتبر تایوان “حاملة طائراتھا التي لا تغرق”، في محاولة مقنعة للإبقاء على التعاون الدفاعي بین الولایات المتحدة وتایوان من خلال بیع الأسلحة إلى تایوان الخ، والاستمرار في التدخل في الشؤون الداخلیة الصینیة، وجعل العلاقة بین تایوان والولایات المتحدة لھا سمات العلاقات الرسمیة. عارضت الحكومة الصینیة ھذه الأعمال بحزم.
في نھایة عام ١٩٨١ ،بدأ الجانبان الصیني والأمریكي إجراء مفاوضات حول مشكلة مبیعات الأسلحة الأمریكیة لتایوان، وھي المشكلة التي لم تحل في وقت إقامة العلاقات الدبلوماسیة. بعد مفاوضات وجھود على مدى عشرة شھور أصدرت الدولتان البیان المشترك الثالث – “بیان ٧/٨ “بین الطرفین في الیوم السابع عشر من شھر أغسطس عام ١٩٨٢ الذي تعھدت فیھ الحكومة الأمریكیة بأن لا تواصل تطبیق سیاسة بیع الأسلحة لتایوان لمدة طویلة، وأن لا تجاوز نوعیة وكمیة الأسلحة التي تباع إلى تایوان مستوى المبیعات في السنوات الأخیرة منذ إقامة العلاقات الدبلوماسیة بین الصین والولایات المتحدة، واستعدادھا لتقلیل كمیة الأسلحة
التي تباع إلى تایوان تدریجیا، وحل ھذه المشكلة نھائیا بعد فترة من الزمن.
بعد ذلك دخلت العلاقات الصینیة الأمریكیة فترة تطور مستقر نسبیا. في فاصل بین الربیع والصیف عام ١٩٨٩ شھدت بكین اضطرابات سیاسیة زجت الولایات المتحدة بنفسھا فیھ كثیرا، ولعبت دورا بالغ السوء فیھ. بعد أن قامت الحكومة الصینیة بتھدئة الاضطرابات، أثارت بل تزعمت الولایات المتحدة النشاطات المعادیة للصین في الغرب، وفرضت عقوبات شاملة على الصین، وقد أضر ھذا بالعلاقات بین الدولتین كثیرا. بعد التغیرات الحادة التي شھدتھا أوروبا الشرقیة وتفكك الاتحاد السوفیتي، قدرت الولایات المتحدة الموقف تقدیرا خاطئا، فقد ظنت أن الصین ستتفكك وتتغیر، وواصلت تطبیق سیاسة التغییر عن طریق الضغط. في بدایة فترة الرئیس بیل كلینتون استمرت الولایات المتحدة في الضغط على الصین وانتھاج سلسلة من الأعمال التي تضر بمصالح الصین، منھا توجیھ اتھامات للصین في قضیة حقوق الإنسان، واتخاذ موقف مناھض للصین في اجتماع جنیف لحقوق الإنسان للأمم المتحدة؛ ربط مشكلة حقوق الإنسان بوضع الدولة الأولى بالرعایة؛ إنشاء “محطة إذاعة آسیا الحرة” الموجھة ضد الصین؛ توجیھ نقد غیر مبرر للصین بأن سفینتھا “جالاكسي” تحمل مواد خام لأسلحة كیماویة، وطلب تفتیش السفینة بالقوة الخ. في مواجھة النشاطات الأمریكیة المعادیة للصین والوضع الدولي المعقد بعد انتھاء الحرب الباردة، تمسكت حكومة الصین بمبادئھا، بالتصدي للضغوط، ومقاومة الھیمنة الأمریكیة وتدخلھا في الشؤون الداخلیة الصینیة، وعملت على معالجة العلاقات الصینیة الأمریكیة برؤیة شاملة مع السعي لتحسین العلاقات. ومع تطور الصین السریع لم تجد الحكومة الأمریكیة بدا من الاعتراف بأنھ لا فائدة لأمریكا نفسھا من إساءة العلاقات بین البلدین، وبدأت تعدیل سیاساتھا الموجھة للصین تدریجیا.
في سبتمبر عام ١٩٩٣ ،أعلن الرئیس كلینتون الاستراتیجیة الجدیدة – الاتصالات الشاملة مع الصین، فعادت العلاقات الصینیة الأمریكیة إلى مجراھا السلیم تدریجیا. في مایو عام ١٩٩٤ ،أعلنت الحكومة الأمریكیة الفصل بین مشكلة حقوق الإنسان ووضع الدولة الأولى بالرعایة، فتمت تسویة أحد الحواجز التي تؤثر في تطور العلاقات الاقتصادیة والتجاریة بین البلدین.
في عام ١٩٩٧ ،قام الرئیس جیانغ تسھ مین بزیارة رسمیة للولایات المتحدة فكانت النھایة للوضع الصعب للعلاقات الصینیة الأمریكیة على مدى ثماني سنوات. أكد الطرفان في <<البیان الصیني الأمریكي المشترك>> أن معالجة العلاقات الصینیة الأمریكیة على أساس مبادئ البیانات المشتركة الثلاثة بین الصین وأمریكا، والسعي معا إلى إقامة علاقة شراكة استراتیجیة بناءة بین البلدین. أعرب الطرفان عن أن علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري سوف تزداد وأن التعامل والتعاون في مجالات حمایة البیئة والطاقة والعلوم والتكنولوجیا والقوانین والتعلیم والثقافة سوف یتعزز. وأكد الجانب الأمریكي مجددا في <<البیان الصیني
الأمریكي المشترك>> على التمسك بمبدأ وجود صین واحدة فقط والالتزام بمبادئ البیانات الصینیة الأمریكیة المشتركة الثلاثة. في عام ١٩٩٨ ،قام الرئیس كلینتون بزیارة رسمیة للصین. توصل الطرفان إلى اتفاق واسع حول القضایا الدولیة والإقلیمیة الھامة، وقررا عدم استخدام الأسلحة النوویة الموجھة ضد الطرف الآخر.
في عام ١٩٩٩ ،مرت العلاقات الصینیة الأمریكیة بانتكاسة؛ ففي ربیع ذلك العام ارتفعت الأصوات المعادیة للصن في الولایات المتحدة. أعلنت “لجنة التكنولوجیا الخاصة الموجھة نحو الصین” التابعة لمجلس النواب
الأمریكي التقریر المسمى “سرقة الصین التكنولوجیا العسكریة الأمریكیة الھامة” وھو”تقریر cocks ،”قررت الحكومة الأمریكیة تعزیز السیطرة على صادرات التكنولوجیا إلى الصین. لم یكن ھذا یستند إلى أي أساس
وكانت لھ أغراض خفیة. وأیضا أعلنت الولایات المتحدة عن بیع صواریخ وأجھزة استخبارات إلكترونیة متقدمة لتایوان. أكثر من ذلك، شنت قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) بقیادة الولایات المتحدة ھجوما جویا كبیرا
ضد جمھوریة یوغسلافیا الفیدرالیة، ولم یتصور أحد أن تقصف السفارة الصینیة لدى یوغسلافیا بالصواریخ مما سبب إصابات للصینیین وخرب مقر السفارة بشدة. ھذه حادثة نادرة في التاریخ الدبلوماسي. وقد تقدمت
الحكومة الصینیة باحتجاج شدید على ھذا العمل الفظیع الذي انتھك سیادة الصین. في یونیو أرسل الرئیس كلینتون مبعوثا خاصا إلى الصین لتقدیم تقریر الجانب الأمریكي حول التحقیق والبحث الخاص بحادثة القصف إلى حكومة الصین. وقد دفعت الولایات المتحدة للصین تعویضات عن إصابات الصینیین في قصف السفارة الصینیة لدى یوغسلافیا، واتفق الطرفان على أن یدفع الجانب الأمریكي للطرف الصیني تعویضات عن الخسائر المادیة أیضا. وطلب الطرف الصیني من الطرف الأمریكي المزید من الإجراءات العملیة من أجل التسویة الشاملة والكاملة للتأثیر السلبي الذي تركتھ ھذه الحادثة على العلاقات الصینیة الأمریكیة.
بعد تقدیم الولایات المتحدة اعتذارا علنیا لحكومة الصین وشعبھا ودفع التعویضات عادت العلاقات بین البلدین إلى الطریق السلیم. في سبتمبر عام ١٩٩٩ وكان اللقاء الرسمي بین الرئیس جیانغ تسھ مین والرئیس بیل
كلینتون خلال المؤتمر غیر الرسمي لمسئولي منتدى التعاون الاقتصادي لآسیا والمحیط الھادي (APEC )في أوكلاند ذا أھمیة بالغة في تحسین العلاقات الصینیة الأمریكیة. في الخامس العشر من نوفمبر، اختتمت بنجاح
المفاوضات الثنائیة حول انضمام الصین إلى منظمة التجارة العالمیة، ووقع الاتفاق الثنائي حول انضمام الصین إلى منظمة التجارة العالمیة.
في أكتوبر عام ٢٠٠٠ ،وقع الرئیس كلینتون مشروع قانون حول العلاقات التجاریة السلیمة الدائمة مع الصین وقد أصبح ھذا المشروع، بعد إقراره من مجلس الشیوخ ومجلس النواب الأمریكي، قانونا أمریكیا. وفقا لھذا القانون الذي وقعھ الرئیس كلینتون، بعد انضمام الصین إلى منظمة التجارة العالمیة، تتوقف أمریكا عن المراجعة السنویة لوضع الدولة الأولى بالرعایة للصین (العلاقات التجاریة السلیمة) حسب البنود المعنیة في
<<القانون التجاري لعام ١٩٧٤ ،<<بل إقامة علاقات تجاریة سلیمة دائمة مع الصین.
في ینایر عام ٢٠٠١ ،منذ تسلم جورج ووكر بوش رئاسة الولایات المتحدة، ھناك اتصال دائم بین الرئیسین الصیني والأمریكي واتخذ الطرفان موقفا إیجابیا في تطویر العلاقات الثنائیة والتبادل والتعاون في مختلف المجالات. في التاسع عشر من شھر أكتوبر عام ٢٠٠١ ،عقد أول لقاء بین الرئیس جیانغ تسھ مین والرئیس بوش خلال المؤتمر غیر الرسمي لمسئولي منتدى التعاون الاقتصادي لآسیا والمحیط الھادي (APEC) بشانغھاي. تبادل الطرفان الآراء حول قضایا العلاقات الصینیة الأمریكیة ومكافحة الإرھاب وغیرھا من القضایا الكبیرة بصورة عمیقة وتوصلا إلى اتفاق ھام. وافق الزعیمان على تطویر علاقات التعاون البناءة بین البلدین،
وإنشاء آلیة للحوار الاستراتیجي بین النخبة في البلدین وآلیة طویلة الأمد للتعامل والتعاون بین الصین وأمریكا ضد الإرھاب.
خلال عشرات السنین كان أھم أسباب الاحتكاكات بین الصین والولایات المتحدة ھو مشكلة تایوان. یتضح من ذلك أن مشكلة تایوان ھي أكثر المشاكل أھمیة وحساسیة في العلاقات بین البلدین. في البیانات المشتركة
الثلاثة تعترف الولایات المتحدة بأن حكومة جمھوریة الصین الشعبیة ھي الحكومة الشرعیة الوحیدة للصین. وقد تقدمت الحكومة الأمریكیة بتعھد حول مشكلة بیع الأسلحة لتایوان في “بیان ١٧/٨ “الموقع عام ١٩٨٢. ولكن حتى الآن تواصل الحكومة الأمریكیة بیع الأسلحة لتایوان غیر مبالیة بالمعارضة الشدیدة من جانب الحكومة الصینیة، بل تجاوزت نوعیة وكمیة الأسلحة التي تباع إلى تایوان مستوى المبیعات في السنوات الأخیرة منذ إقامة العلاقات الدبلوماسیة بین الصین والولایات المتحدة. قدمت حكومة الصین احتجاجا شدیدا للحكومة الأمریكیة، وطلبت من الحكومة الأمریكیة أن تراعي البیانات المشتركة الثلاثة الصینیة الأمریكیة خصوصا “بیان ١٧/٨ ،”وتتوقف عن بیع الأسلحة إلى تایوان.
في عام ١٩٩٢ ،قرر الرئیس بوش بیع ١٥٠ طائرة مقاتلة عالیة المواصفات من طراز إف ١٦ ،ھذا أضر بالعلاقات الصینیة الأمریكیة إضرارا كبیرا. وقد ردت الصین ردا شدیدا وطلبت من الجانب الأمریكي توضیحا لھذه المسألة. في عام ١٩٩٥ ،وافقت الحكومة الأمریكیة لمسؤول سلطات تایوان لي دنغ ھوي أن یزور الولایات المتحدة على أساس ما یسمى “بصفتھ الشخصیة”، وقد قامت الحكومة الصینیة بالتصدي لھذا ضربة بضربة: إلغاء وتأجیل زیارة وزیر الدفاع الوطني الصیني للولایات المتحدة ومحادثات “الصواریخ ونظام التحكم فیھا” بین البلدین والمناقشات بین الخبراء حول الاستخدام السلمي للطاقة النوویة؛ واستدعاء السفیر الصیني لدي الولایات المتحدة لتقدیم تقریر عن عملھ؛ قیام جیش التحریر الشعبي الصیني بمناورة عسكریة في میاه بحر الصین الشرقي. في مارس عام ١٩٩٦ ،القیام برمایة تجریبیة ومناورة عسكریة في مضیق تایوان. ما قامت بھ الصین من أعمال جعل الولایات المتحدة تعترف بحساسیة مشكلة تایوان. شھدت العلاقات الصینیة الأمریكیة توجھ تحسن وتطویر بالجھود المشتركة من الطرفین. في عام ١٩٩٨ ،زار كلینتون الصین، بصفتھ رئیس الولایات المتحدة، وتعھد لأول مرة بصورة علنیة وواضحة بأن الولایات المتحدة تتمسك بمبدأ وجود صین واحدة فقط، والالتزام بمبادئ البیانات الصینیة الأمریكیة المشتركة الثلاثة. أعرب بوضوح علنیا أن الولایات المتحدة لا تدعم استقلال تایوان ولا تدعم “دولتین للصین” أو “صین واحدة وتایوان واحدة”، ولا تدعم انضمام تایوان للمنظمات الدولیة التي تكون عضویتھا للدول ذات السیادة. في السنوات الأخیرة، أكد القادة الأمریكیون من جدید ھذه الموقف مرات، وعارضوا أقوال وأعمال مسؤول سلطات تایوان الھادفة إلى تغییر الوضع الراھن لتایوان من جانب واحد و”استقلال تایوان”. إننا نطالب الجانب الأمریكي الالتزام بالعھد وعدم إرسال إشارات خاطئة إلى قوى “استقلال تایوان” لتجنب إلحاق الضرر بسلام واستقرار منطقة تایوان والمضیق ومن أجل التطور السلیم والمستقر للعلاقات الصینیة الأمریكیة.
ھناك قضایا أخرى تؤثر على تطور العلاقات بین الصین والولایات المتحدة، ومن ذلك إصرار الولایات المتحدة على بناء نظام الدفاع الصاروخي الدولي ونظام الدفاع الصاروخي الإقلیمي، والتدخل في الشؤون الداخلیة الصینیة بذریعة قضیة حقوق الإنسان الخ.
تعارض الصین بناء الولایات المتحدة لنظام الدفاع الصاروخي الدولي ونظام الدفاع الصاروخي الإقلیمي، خصوصا محاولات الولایات المتحدة ضم تایوان في نظام الدفاع الصاروخي الإقلیمي، معتقدة أن ھذا سیسبب سباق تسلح الجدید.
تعارض حكومة الصین تدخل الحكومة الأمریكیة في الشؤون الداخلیة الصینیة بذریعة قضیة حقوق الإنسان، وتطالب الولایات المتحدة بالتوقف عن تقدیم الاقتراحات ضد الصین في اجتماع حقوق الإنسان، والعودة إلى
طریق الحوار على قدم المساواة الصحیح.
الصین ھي أكبر دولة نامیة والولایات المتحدة ھي أكبر دولة متقدمة في العالم، والبلدان من الأعضاء الدائمین في مجلس الأمن الدولي، تلعبان دورا مھما في الشؤون الدولیة. برغم التدخل الأمریكي في الشؤون الداخلیة
الصینیة، في قضیة تایوان والتبت وحقوق الإنسان الخ، ووجود تناقض وصراع في العلاقات بین البلدین، یأمل البلدان الحفاظ على سلام واستقرار منطقة آسیا والمحیط الھادي بصفتھما دولتین كبیرتین في العالم؛ واعتمادا على مكانة الطرف الآخر الاستراتیجیة في معالجة الشؤون الدولیة؛ ویحتاج البلدان إلى تعزیز التعاون في مجالات التصدي للتحدیات العالمیة مثل منع انتشار أسلحة الدمار الشامل وتعزیز حمایة البیئة والقمع على الجرائم عابرة القارات وتھریب المخدرات وأعمال الإرھاب الدولي الخ؛ التكامل المتبادل في مجال الاقتصاد والتجارة بین البلدین. لذلك، توجد نقاط مشتركة للمصالح الاستراتیجیة المشتركة للبلدین. إن العلاقات الصینیة الأمریكیة من العوامل التي تؤثر في ھیكل الأمن العالمي. خلال عشرات السنین، وبرغم النكسات التي مرت بھا العلاقات الصینیة الأمریكیة، الاتجاه الشامل یتطور إلى الأمام باستمرار. وقد أثبتت الحقائق أن تطویر العلاقات الصینیة الأمریكیة والحفاظ علیھا بصورة سلیمة ومستقرة تتفق مع مصالح شعبي البلدین الأساسیة، وتفید سلام واستقرار وتنمیة منطقة آسیا والمحیط الھادي، بل والعالم كلھ.
العلاقات بین الصین والدول الأوروبیة
في الفترة الممتدة من تأسیس الصین الجدیدة إلى نھایة الستینیات، شھدت العلاقات بین الصین ودول أوروبا الغربیة تطورا بطیئا بسبب تأثیرات الحرب البادرة. أقیمت العلاقات الدبلوماسیة بین الصین وكل من السوید والدانمارك وسویسرا وفنلندا والنرویج وفرنسا عام ١٩٦٩.
بالإضافة إلى ذلك، أقامت كل من بریطانیا وھولندا في الصین مكتب للقائم بالأعمال لھ صفة شبھ دبلوماسیة. بدایة السبعینات، كانت الذروة لإقامة العلاقات الدبلوماسیة بین الصین ودول أوروبا الغربیة. الآن ھناك علاقات
دبلوماسیة للصین مع كل دول أوروبا الغربیة والمجموعة الأوربیة باستثناء الفاتیكان.
لم تطور الصین العلاقات الدبلوماسیة السیاسیة مع الدول الأوربیة فحسب، بل تتطور بإیجابیة التعاون في الاقتصاد والتجارة والعلوم والتكنولوجیا معھا أیضا. انتھجت الصین سیاسة الانفتاح على العالم الخارجي، واتخذت من أوروبا الھدف الرئیسي لانفتاحھا. منذ تبني سیاسة الإصلاح والانفتاح، وقعت الصین مع كثیر من دول أوروبا الغربیة اتفاقیات كثیرة في مجالات الاقتصاد والتجارة والعلوم والتكنولوجیا والثقافة والطیران المدني والنقل البحري الخ، ووقعت مع المجموعة الأوربیة اتفاقیة تجاریة واتفاقا حول المنسوجات.
تطبق الصین سیاسة إیجابیة لتطویر العلاقات مع دول أوروبا الغربیة ولكن الصین في القضایا الكبرى التي ترتبط بسیاستھا الوطنیة تناضل بحزم دفاعا عن سیاستھا الوطنیة وكرامتھا. في عام ١٩٨٠ ،وافقت حكومة ھولندا أن تقوم مجموعة رآن – سكارت – ویلومي (RSV (بتصنیع غواصة لقوات تایوان البحریة؛ في عام ١٩٩٢ ،وافقت حكومة فرنسا أن تبیع شركة داسول Dassault طائرات مقاتلة من طراز میراج لتایوان؛ في عام ١٩٩٦ ،ناقش برلمان ألمانیا الاتحادیة وأجاز ما سمي تقریر “تحسین أحوال حقوق الإنسان في التبت”. على ضوء ھذه الأعمال، ردت الصین ردا شدیدا، وجعلت ھذه الدول تعترف بخطورة ھذه القضایا وأعربت عن نیتھا لإصلاح الأخطاء، مما أدي إلى عودة العلاقات الثنائیة إلى طریق التطور السلیم الصحیح من جدید.
بعد وقوع الاضطرابات السیاسیة ببكین عام ١٩٨٩ ،وقعت دول أوروبا الغربیة عقوبات على الصین، فتراجعت التبادلات السیاسیة الثنائیة وازدادت الخلافات، وأوقف التعاون في مجالات الاقتصاد والعلوم والتكنولوجیا، تراجعت العلاقات الثنائیة تراجعا شدیدا. منذ النصف الثاني من عام ١٩٩٠ ،وجدت دول أوروبا الغربیة أن العقوبات لا تفید للطرفین، وبدأت تعدیل سیاستھا تجاه الصین. عبر الجھود المشتركة تتحسن وتتطور العلاقات تدریجیا. في السنوات الأخیرة، یتسع التعامل والتعاون في مجالات السیاسة والاقتصاد والتجارة والعلوم والتكنولوجیا والتعلیم والثقافة بین الصین ودول أوروبا الغربیة باستمرار. وازدادت الزیارات المتبادلة على المستویات العالیة بین القادة، وتعزز الحوار السیاسي من مختلف المستویات، وتتطور العلاقات الثنائیة تطورا جدیدا.
في عام ١٩٩١ ،زار الصین رئیس وزراء بریطانیا ورئیس وزراء إیطالیا. في عام ١٩٩٤ ،قام الرئیس جیانغ تسھ مین بزیارة رسمیة لفرنسا، وطرح أربعة مبادئ للعلاقات بین الصین وأوروبا الغربیة، وھي: تطویر علاقات التعاون والصداقة المستقرة وطویلة الأمد الموجھة نحو القرن الحادي والعشرین؛ الاحترام المتبادل والسعي لإیجاد نقاط مشتركة وترك نقاط الخلاف جانبا؛ والإكمال والمنفعة المتبادلة، تعزیز التنمیة المشتركة؛ وتعزیز التشاورات والتعاون في الشؤون الدولیة. دفعت ھذه الزیارة تطور العلاقات بین الصین وأوروبا الغربیة تطورا كبیرا. في ١٩٩٤ ،أعلن الاتحاد الأوروبي (تغیرت اسم المجموعة الأوربیة إلى الاتحاد الأوروبي في أول نوفمبر عام ١٩٩١ ) رفع كل العقوبات، باستثناء المبیعات العسكریة عن الصین. في عام ١٩٩٥ ،قام الرئیس جیانغ تسھ مین بزیارة رسمیة لألمانیا، كانت المرة الأولى التي یزور فیھا زعیم صیني ألمانیا. بعد ذلك قام المستشار الألماني ھیلموت كول بزیارة رسمیة للصین. في العام نفسھ، أصدر الاتحاد الأوروبي الوثائق حول السیاسات الطویلة الأمد للصین، والدعوة إلى التعزیز الشامل للعلاقات مع الصین في مجالات السیاسة والاقتصاد الخ. في عام ١٩٩٦ ،طرح الاتحاد الأوربي استراتیجیة جدیدة للتعاون مع الصین بالتأكید على شمولیة واستمراریة واستقلالیة السیاسات تجاه الصین. في مایو عام ١٩٩٧ ،زار رئیس فرنسا جاك شیراك الصین وأصدر البلدان بیانا مشتركا، قرر إقامة علاقة شراكة شاملة موجھة نحو القرن الحادي والعشرین. في أكتوبر عام ١٩٩٨ ،قام رئیس الوزراء بریطانیا توني بلیر بزیارة رسمیة للصین، وأصدر الطرفان بیانا مشتركا بإقامة علاقة شراكة الشاملة. وزار القادة من الدول الأخرى الصین تباعا.
طاقة الصین الكامنة وأسواقھا الواسعة تجذب دول أوروبا الغربیة
في عام ١٩٩٨ ،طبق الاتحاد الأوربي ودولھ الأعضاء سلسلة من الأعمال الإیجابیة التي تفید تطور العلاقات الصینیة الأوربیة. في فبرایر ھذا العام، غیرت الدول الأعضاء للاتحاد الأوربي أعمالھا التي كانت في السنوات
الماضیة، قررت عدم تقدیم اقتراح معارضة للصین في اجتماع حقوق الإنسان للأمم المتحدة. في مارس أصدر مجلس الاتحاد الأوروبي وثائق جدیدة حول السیاسات تجاه الصین <<إقامة علاقة شراكة الشاملة مع الصین>>، دعوة إلى المزید من رفع مستوى العلاقات الصینیة الأوربیة، وطرح سلسلة من الاقتراحات حول تعزیز العلاقات الثنائیة. في أواخر إبریل، قرر الاتحاد الأوربي إلغاء اسم الصین من قائمة “الدول غیر ذات
اقتصاد السوق” في مبادئھ لمكافحة الإغراق.
في إبریل عام ١٩٩٨ ،عقد أول اجتماع بین مسؤولي الصین والاتحاد الأوربي في لندن، أصدر الطرفان بیانا مشتركا بإقامة علاقة شراكة بناءة مستقرة طویلة موجھة نحو القرن الحادي والعشرین، وتقرر إقامة نظام
الاجتماع السنوي بین المسؤولین.
في یونیو عام ١٩٩٨ ،ناقش مجلس وزراء خارجیة الاتحاد الأوروبي الوثائق الجدیدة حول السیاسات تجاه الصین <<إقامة علاقة شراكة شاملة مع الصین>>، وقرر رفع مستوى العلاقات مع الصین إلى مستوى العلاقات مع أمریكا والیابان وروسیا، وتعزیز الحوار السیاسي والتعاون والتعامل بین الصین وأوروبا، ودعم انضمام الصین إلى منظمة التجارة العالمیة. في سبتمبر عام ٢٠٠٠ ،أحالت لجنة الاتحاد الأوروبي التقریر إلى مجلس الاتحاد الأوربي والبرلمان الأوربي. دعى ھذا التقریر إلى توسیع نطاق الحوار السیاسي بین الطرفین؛ واقترح على الاتحاد الأوروبي منح أولویة لتعزیز التعاون مع الصین في مجلات التنمیة المستدیمة بما فیھا الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي وتنمیة الموارد البشریة وحمایة البیئة والنظام القانوني وحقوق الإنسان والتخلص من الفقر الخ، ومساعدة ومراقبة تنفیذ الصین لتعھداتھا بعد انضمامھا إلى منظمة التجارة العالمیة؛ إعادة التأكید على مبدأ وجود صین واحدة فقط، والتأكید على التسویة السلمیة لمشكلة تایوان.
في الثالث عشر من أكتوبر عام ٢٠٠٣ ،أصدرت حكومة الصین <<وثائق السیاسات الصینیة تجاه الاتحاد الأوربي>>. تناولت الوثائق ما یلي: الصین تھتم بدور الاتحاد الأوربي وأثره في الشؤون الدولیة والإقلیمیة.
الآن تشھد العلاقات الصینیة الأوربیة أفضل فتراتھا في التاریخ. إن تعزیز وتطویر العلاقات الصینیة الأوروبیة مكون ھام للخارجیة الصینیة. تعمل الصین على إنشاء علاقة شراكة شاملة مستقرة طویلة الأمد مع الدول
الأوروبیة، أھداف السیاسة الصینیة تجاه الاتحاد الأوروبي ھي:
الاحترام المتبادل والثقة المتبادلة والسعي لإیجاد نقاط مشتركة وترك نقاط الخلاف جانبا، والعمل على التطویر السلیم والمستقر للعلاقات السیاسیة، الحفاظ معا على سلام واستقرار العالم.
-المنفعة المتبادلة والفائدة المتبادلة، والمشاورات على أساس المساواة، تعمیق التعاون الاقتصادي والتجاري، ودفع التنمیة المشتركة.
تبادل الخبرات والازدھار المتبادل، تعویض ما لدى الآخر من نواقص بالاستفادة من میزات كل جانب، تعزیز التعامل الإنساني، دفع انسجام وتقدم الثقافة الشرقیة والثقافة الغربیة.
تقدم الوثیقة المتطلبات الواضحة لتعزیز التعاون الصیني الأوربي في مجالات السیاسة والاقتصاد والتعلیم والعلوم والتكنولوجیا والثقافة والصحة والمجتمع والقضاء والإدارة والشؤون العسكریة. تأمل حكومة الصین
تعزیز التعاون الشامل بین الصین والاتحاد الأوربي ودفع تنمیة العلاقات الصینیة الأوربیة بصورة طویلة ومستقرة عن طریق إصدار ھذه الوثیقة الأولى عن السیاسة الصینیة تجاه الاتحاد الأوربي. في السادس من مایو عام ٢٠٠٤ ،زار رئیس مجلس الدولة الصیني، ون جیا باو، مقر مجلس الاتحاد الأوروبي، وأجرى محادثات مع رئیس
الاتحاد الأوربي رومانو برودي وطرح خمسة اقتراحات حول دفع تطویر العلاقات الصینیة الأوربیة، وھي:
أولا، تعزیز المناقشات حول القضایا الاستراتیجیة بین المسؤولین الصینیین والأوربیین. یحتاج الطرفان إلى
الحوار والتشاورات عن العلاقات الصینیة الأوربیة بعد توسیع الاتحاد الأوربي وكیفیة إقامة نظام دولي عادل ومعقول وتعزیز دور الأمم المتحدة ومكافحة الإرھاب ومنع انتشار الأسلحة وقمع الجرائم عابرة القارات الخ،
والحاجة إلى التفاھم والتنسیق في إطار الاجتماع الآسیوي الأوروبي (أسیم) والمفاوضات التجاریة المتعددة الأطراف وغیرھا من القضایا الكبیرة.
ثانیا، توسیع التعاون الصیني الأوروبي في المجال الاقتصادي والمجال التكنولوجي. وقد حقق الطرفان بدایات طیبة في التعاون في التكنولوجیا العالیة، ووجوب الإسراع بتطبیق المشروعات التعاونیة ذات الصلة والقیام بالتعاون في مجالات أوسع.
ثالثا، توطید الأساس القانوني وآلیة الضمان للتعاون الصیني الأوروبي. في وقت تحسین آلیة التعاون الموجودة، یود الطرف الصیني مع الطرف الأوربي البحث عن ومناقشة وتوقیع اتفاق للتعاون بین الصین والدول الأوروبیة.
رابعا، دفع التعامل الشامل بین الطرفین. یود الطرف الصیني البحث في إنشاء آلیة للحوار بمختلف ٍأجھزة الإعلام الأشكال بین البرلمانات ومؤسسات البحوث الأكادیمیة و بصورة إیجابیة.
خامسا، استكمال آلیة المشاورات التي تستطیع معالجة الاختلافات بسرعة وفعالیة. وفقا لمبدأ الاحترام المتبادل والمساواة المتبادلة تعزز الصین باستمرار الحوار والتعاون مع الاتحاد الأوروبي في مجالات الاقتصاد والتجارة وحقوق الإنسان الخ وتسویة الاختلافات بشكل جید.
توطدت العلاقات بین الصین وأوروبا الشرقیة وتتطور في المجالات المختلفة باستمرار. بعد التغیرات الحادة التي شھدتھا أوروبا الشرقیة، تمسكت الصین بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلیة واحترام المواقف التي یختارھا شعوب دول أوربیة الشرقیة، وإنشاء العلاقات الدولیة من طراز جدید تتجاوز النظام الاجتماعي والأیدیولوجي والقیم. ازدادت الزیارات المتبادلة على المستویات العالیة بین الصین ودول أوربا الشرقیة
بوضوح. وتوجد اتصالات في مجالات الاقتصاد والتجارة والشؤون العسكریة والقضاء والعلوم والتكنولوجیا والثقافة والتعلیم والصحافة الخ بین الصین ودول أوربا الشرقیة، ویتسع نطاق التعاون باستمرار. وقع الطرفان
سلسلة من الاتفاقیات والبروتوكولات مما أدي إلى تعزیز علاقات الصداقة والتعاون بین الصین ودول أوربیة الشرقیة.
الصين والنظام العالمي الجديد من هنا
تعليق واحد