الصين نظرية الأمن الجديد

الصين نظرية الأمن الجديد ، عشیة تأسیس الصین الجدیدة، طرح ماو تسي تونغ تطویر علاقات الصداقة مع كل دولة على “أساس المساواة والمنفعة والاحترام المتبادل لسیادة الأراضي”. ففي سبتمبر ١٩٤٩ نص “المنھج المشترك” وھو بمكانة الدستور والذي أجازه المؤتمر الاستشاري السیاسي للشعب الصیني على أن مبادئ معالجة الصین للعلاقات الدولیة ھي “ضمان استقلال البلاد وحریتھا وسیادة أراضیھا، وتأیید السلم الدولي الدائم والتعاون الودي بین شعوب الدول المختلفة، ومعارضة سیاسة الإمبریالیة العدوانیة والحربیة”.

الصين نظرية الأمن الجديد

في ٣١ دیسمبر ١٩٥٣ ،ولحل المشاكل التي خلفھا التاریخ وصنعھا الإستعمار البریطاني في التبت عقدت الصین والھند مفاوضات في بكین.

وعند مقابلة الوفد الھندي، طرح شو أن لاي  لأول مرة المبادئ الخمسة للتعایش السلمي بصورة كاملة، وحظیت بموافقة الطرف الھندي. وفي ٢٩ إبریل ١٩٥٤ ،كتبت الصین والھند ھذه المبادئ الخمسة في “اتفاق حول التبادل التجاري والتبادل في المواصلات بین منطقة التبت الصینیة والھند “، وبھذا ظھرت المبادئ الخمسة للتعایش السلمي في وثیقة دولیة لأول مرة.

وفي یونیو من نفس السنة، زار شو أن لاي الھند تلبیة لدعوة نیھرو رئیس وزراء الھند. وفي ٢٨ یونیو، أكدت ھذه المبادئ مرة أخرى في الإعلان المشترك لرئیسي وزراء الدولتین، وھي:
الاحترام المتبادل لسلامة السیادة والأراضي، وعدم الاعتداء، مع عدم التدخل في الشؤون الداخلیة، التعایش والمساواة والمنفعة المتبادلة، . وقال رئیسا وزراء الدولتین “إن ھذه المبادئ لیست مناسبة فقط للصین والھند، بل مناسبة للدول الآسیویة بل ودول العالم أجمع، فھى لیست مناسبة فقط لمعالجة العلاقات بین مختلف الدول، بل مناسبة لمعالجة العلاقات الدولیة العادیة”. وفي الیوم التالي، في زیارتھ لمیانمار، دعا شو أن لاي مع رئیس وزراء میانمار إلى ھذه المبادئ في الإعلان المشترك للدولتین. ویرمز ھذان الإعلانان إلى تثبیت المبادئ الخمسة للتعایش السلمي كمبادئ تعالج العلاقات الدولیة رسمیا.

في عام ١٩٥٤ ،ترأس شو أن لاي الوفد الصیني للإشتراك في مؤتمر جنیف، وأكد في كلمة ألقاھا في المؤتمر على أن الدول الآسیویة علیھا أن تقوم بالتشاور والتعاون على أساس المبادئ الخمسة للتعایش السلمي. وفي عام ١٩٥٥ ،في مؤتمر بانغدونغ الآسیوي والأفریقي أدرجت المبادئ الخمسة للتعایش السلمي في المبادئ العشرة التي طرحھا إعلان مؤتمر بانغدونغ.

تشمل المبادئ الخمسة للتعایش السلمي المبادئ الأساسیة للعلاقات الدولیة، وتجسد بصورة متمركزة ھدف ومبادئ “میثاق الأمم المتحدة، فھى لم تعكس فقط الرغبة الملحة لمجموعة كبیرة من الدول الناھضة التي حققت الاستقلال حدیثا بعد الحرب العالمیة الثانیة في الدفاع عن استقلالھا وسیادتھا، ومعارضة العدوان والتدخل الأجنبي، وإقامة العلاقات المتساویة بین الدول، بل تمثل المصالح المشتركة لشعوب مختلف الدول في العالم.

وتقدم المبادئ الخمسة للتعایش السلمي الأسس الإرشادیة والصحیحة لإقامة وتطویر العلاقات بین الدول ذات الأنظمة الاجتماعیة المتماثلة والمختلفة في العالم، وتشیر إلى وسیلة فعالة لحل المشاكل التي خلفھا التاریخ بین الدول والنزاعات الدولیة، كما أنھا تحمي مصالح الدول النامیة، وترسي أسسا فكریة ھامة لإقامة نظام سیاسي وإقتصادي دولي جدید عادل وصحیح، فھي مبادئ أساسیة ذات أھمیة إرشادیة عامة لمعالجة العلاقات بین الدول في المجتمع الدولي الحالي، كما أنھا إسھامات ھامة قدمتھا الشعوب الآسیویة للعلاقات الدولیة الحدیثة، و”زھرة الذكاء” للثقافة الآسیویة.

على أساس المبادئ الخمسة للتعایش السلمي حلت الصین مع میانمار ونیبال وباكستان وأفغانستان ومنغولیا المشاكل الحدودیة التي خلفھا التاریخ على التوالي، وأیضا حلت مشكلة الجنسیة المزدوجة للمغتربین الصینیین المقیمین في أندونیسیا، الأمرالذى قدم إسھاما كبیرا في حمایة السلم الإقلیمي وتعزیز التضامن بین الدول الآسیویة. حظیت المبادئ الخمسة للتعایش السلمي بالإعتراف الواسع من مختلف دول العالم، وأدرجت في أكثر من ١٦٠ وثیقة دولیة. ویحتوي “إعلان شانغھاي” الصیني الأمریكي عام ١٩٧٢ على مضمون المبادئ الخمسة للتعایش السلمي.

بعد انتھاء الحرب الباردة، وخاصة منذ دخولنا القرن الحادي والعشرین، دخلت البشریة مرحلة جدیدة لتغییر كل ما ھو قدیم. حیث بفعل التطور السریع للمعلوماتیة التكنولوجیة والعولمة الإقتصادیة وتعددیة الوضع الإستراتیجي ودیمقراطیة العلاقات الدولیة والتكنولوجیا العالیة للوسائل العسكریة تغیرت ملامح المجتمع البشري ووضع الأمن الدولي بسرعة. وبسبب العولمة الإقتصادیة تعززت درجة تبادل المصالح لمختلف الدول بصورة غیر مسبوقة. ودفع التعاون الدولي للإنتاج وسیولة الأموال العابرة وتبادل البضائع في كل العالم الى الدمج المتبادل لمصالح مختلف الدول، مما جعل أیة دولة تؤثر في الدول الأخرى كلھا.

وأصبح المجتمع البشري أكثر ارتباطا، وشكل كیان أمن مشترك، مما جعلھ یواجھ مزیدا من مشاكل الأمن ومصالح الأمن المشتركة أكثر فأكثر. وبدأ ھدف الحرب وما تسببھ من تدمیر یتلاشى. ففي ظروف البیئة الجدیدة، یصعب على أى دولة أن تحقق أمنا لھا بوسائل الحرب، أو تھدید أمن الدول الأخرى. لأن العالم یرید السلم والشعوب ترغب في التعاون والدول تھدف إلي التنمیة والمجتمع یصبو إلي التقدم فقد كان ھذا ھو المطلب الموضوعي منذ القدم وھو دعوة عصرنا الیوم. بعد الحربین العالمیتین وخوض الحرب البادرة لنصف قرن، تتشوق شعوب مختلف البلدان إلى السلم الدائم والحیاة المستقرة وإقامة نظام للأمن ودفع التنمیة المشتركة والازدھار المشترك في سبیل تحقیق مستقبل جمیل للبشریة.

من خلال ھذا الوضع قدمت الصین نظریة الأمن الجدیدة الھادفة إلى تھیئة بیئة مستقرة وآمنة طویلة الأمد للسلم الدولي. ففي ٢٣ إبریل ١٩٩٧ طرح أحد مسؤولي الصین في خطاب لھ بمجلس الدوما بالاتحاد السوفیتى “لنبذل جھودا في سبیل إقامة نظام دولي جدید عادل ومنصف” الدعوة إلى “نظریة الأمن الجدیدة” التي تكون نواتھا الثقة والمنفعة المتبادلة والمساواة والتعاون. كما أكد على ھذه الفكرة <<الإعلان المشترك الصیني الروسي حول تعددیة الأقطاب وإقامة نظام دولي جدید>>. في ٢٦ مارس ١٩٩٩ ،شرح أحد مسؤولي الصین ھذه النظریة بصورة شاملة ومنتظمة في التفاوض حول نزع السلاح في جنیف. وتظھر نظریة الأمن الجدیدة وتطور الروح الأساسیة للمبادئ الخمسة للتعایش السلمي في ظروف العصر الجدید، وتركت نھائیا “تفكیر الحرب الباردة”، فھي نظریة أمن مناسبة لمطالب العصر وذات أھمیة عامة، كما أنھا إسھام أخر قدمتھ الصین للعلاقات الدولیة بعد المبادئ الخمسة للتعایش السلمي.

الصين نظرية الأمن القديمة والجديدة من هنا