الصين نظرية الأمن القديمة والجديدة

الصين نظرية الأمن القديمة والجديدة ، تختلف نظریة الأمن الجدیدة التي تدعو الصین إلیھا عن نظریة الأمن القدیمة. المضمون الرئیسي لنظریة الأمن القدیمة في وضع مجابھة القطبین الشرقي والغربي في النصف الثاني من القرن العشرین، كان تحقیق الأمن بالمجابھة والأمن الجماعي وأمن الطرف الواحد والأمن المطلق.

الصين نظرية الأمن القديمة والجديدة

وتتمیز ھذه النظریة بتفكیر الحرب الباردة، وتؤكد على وضع خط فاصل لكل الأشیاء وتمییز الأصدقاء من الأعداء حسب الأیدیولوجیة والنظام الاجتماعي؛ كما تؤكد على أن الأمن ھو نوع من علاقات المجابھة، یعني الفوز أوالخسارة، وفوزك ھو خسارتي، وأمن الطرف الآخر ھو عدم وجود أمن لي، وقوة الآخرین تعني تحدیا لنفسي، خاصة قوة الدول المختلفة من حیث النظام الاجتماعي فھى تعتبر خطر تحد لنفسي؛ وتؤكد على أن الوسیلة المأمونة لتحقیق الأمن ھي التوسع العسكري الغیر محدود وتقویة التحالف العسكري؛ وتؤكد على توسیع القوة العسكریة للطرف الواحد، وإحراز التفوق العسكري المطلق لتحقیق مكانة الأمن المطلق. تحت سیطرة ھذا النوع من التفكیر في الأمن ومفھوم الأمن، قام المعسكران العسكریان الكبیران بالتنافس على التسلح الشامل الذي من ضمنھ التسلح النووي، كما كان یحاول كل منھما تحقیق التفوق العسكري المطلق، وإقامة أمن لنفسھ على أساس عدم وجود أمن الطرف الآخر. ونتیجة لذلك لم یتحقق السلم والأمن بل تسبب فى المزید من عدم وجود الأمن. وبرغم إقامة كل من الطرفین أثناء الحرب الباردة آلیة عسكریة ضخمة یمكنھا أن تدمر البشریة جمعاء، لم یشعرا بالأمن الحقیقي، بل ظلا لمدة طویلة في حالة ذعر من الحروب النوویة أو حرب عالمیة جدیدة. كاد یقود التصاعد المستمر لتجابھ الطرفین والدور السلبي للبشریة إلى ھاویة التدمیر النووي.

لذلك تدعو الصین في المرحلة الجدیدة إلى نظریة الأمن الجدیدة، وھي تفكیر للأمن الجدید الھادف لحمایة السلم والتمتع بالأمن معا، ونواتھا الثقة والمنفعة المتبادلة والمساواة والتعاون.

إن الثقة المتبادلة ھي الأساس الفكري لحمایة السلم. فمعنى طلب الثقة المتبادلة أى عدم تبادل الشك والعداء وعدم إتخاذ دول أخرى كعدو إفتراضي، ولیس أیضا صنع عدو لسد طلب قوة ما. أثناء تحقیق تعددیة العالم، لا یشكل تغیر مقارنة القوة تھدیدا لأمن العالم. الذي یشكل تھدیدا ھو سعي القوى المتغیرة الغیر محدودة للھیمنة وفرض السیاسة بالقوة. فإن تحقیق الثقة المتبادلة یحتاج إلى نبذ التعصب الأیدیولوجي وروح تفكیر الحرب الباردة.

المنفعة المتبادلة ھي الأساس المادي لحمایة السلم. یصبح العالم كیانا كاملا یتصل بعضھ ببعض ویعتمد بعضھ على الآخر أكثر فأكثر. فیعتمد أمن دولة ما ومنطقة ما على تحقیق الأمن الدولي. ومعنى المنفعة المتبادلة أنھ في وقت تحقیق مصالح أمن الدولة، یجب التفكیر والإحترام لمصالح أمن الدول الأخرى، لتحقیق التمتع المشترك بمصالح الأمن، ولیس تجاھل الاھتمام بمصالح أمن الدول الأخرى أو إساءتھا، ولا یمكن إقامة أمن دولة ما على أساس عدم وجود أمن لدول أخرى. إذا أصرت دولة ما على اتخاذ جیرانھا أعداء، وأساءت مصالحھا واھتمت بأمن نفسھا فقط، فلن یكون ھناك أمن حقیقي.

المساواة ھي الأساس لحمایة السلم. لذلك تدعو الصین إلى أن كل الدول، صغیرة كانت أم كبیرة، فقیرة أم غنیة، ضعیفة أو قویة، كلھا أعضاء متساوون في الأسرة الدولیة الكبیرة، وتتمتع بحقوق السلم والإستقرار وحمایة مصالحھا الأمنیة،. أما عن شؤون الأمن الدولیة فتقررھا كل الدول معا، ولا یجوز لأى دولة أن تحاول الحصول على حق خاص بھا بعیدا عن قیود المجتمع الدولي بقوتھا الجبارة، ولا یمكن لدولة كبیرة أن تضطھد دولة صغیرة، ولا دولة قویة أن تھدد أمن دولة ضعیفة، ولا دولة غنیة أن تظلم دولة فقیرة. بل یجب احترام تنوع العالم، ومعارضة سیطرة دولة ما على دولة أخرى، أو سیطرة دولة واحدة أو عدة دول على شؤون أمن العالم.

التعاون ھو طریق تحقیق السلم العالمي. ترى الصین أن المشاكل التي یواجھھا العالم بحاجة إلى تعاون الجمیع. التعاون لیس التحالف، ولیس إبعاد الآخرین، ولیس صنع التعارض، ولیس مواجھة دولة ثالثة، بل ھي آلیة أمن جدیدة منفتحة مبنیة على أساس الثقة والمنفعة المتبادلة والمساواة الھادفة على حمایة السلم، وتھدف ھذه الآلیة على إزالة عناصر عدم الإستقرار الكامنة بالحوار السلمي، والوقایة من النزاعات العسكریة، وحل مشاكل الأمن بالتشاور، لتنسیق الأعمال للتغلب على الأزمات، ولیس اللجوء إلى القوة أو التھدید بالقوة.

النقاط السابقة الذكر بمضمون نظریة الأمن الجدیدة الصینیة تتصل ببعضھا البعض وتلعب أدوارھا معا، ولیست بمعزل عن بعضھا.

نظریة الأمن الجدیدة التي تدعو الصین إلیھا نبذت تفكیر الحرب الباردة المتمثل في وضع خط فاصل لكل الأشیاء وتمییز الأصدقاء من الأعداء حسب الأیدیولوجیة والنظام الاجتماعي، وتعكس النداء العصري للسلم العالمي والتنمیة في القرن الجدید وتوجھ تطور التاریخ العام، وتتفق ومطالب تطور العصر ومصالح أمن البشریة المشتركة. كما تتمیز ھذه النظریة بخصائص عصریة واضحة، ھي التفكیر فى أمن جدید بكل جدیة، وتعتمد على الثقافة الإستراتیجیة ومفھوم الأمن المتقدمین في عصرنا الیوم، كما أنھا إرث وتطور للمبادئ الخمسة للتعایش السلمي في المرحلة الجدیدة، وامتداد ومتابعة لحب الصین للسلم وسعیھا وراء التنمیة في الشؤون الدولیة، وتجسید جدید للثقافة الصینیة التقلیدیة الممتازة لحسن الجوار في شؤون الأمن الحالیة. إن نظریة الأمن الجدیدة ھي إسھام نظري ھام قدمتھ الصین التي تتقدم على طریق التحدیث بخطوات واسعة في السیاسة الدولیة العصریة والأمن الدولي. وھى لم تدخل فقط في السیاسة الصینیة للدفاع الوطني بصورة عمیقة، بل ستترك أثرا عمیقا وبعیدا في الوضع الدولي لإستراتیجیة الأمن وسیاسات الأمن.

نظریة الأمن الجدیدة في الصین الحدیثة من هنا